فالعقيدة السليمة المبتنية على المعرفة واليقين إذا اقترنت بها العبادة ، كانت العبادة نافعة تؤدي الأهداف المرجوة منها في النشأتين ، وكيفي الإنسان من العبادة أداء ما فرضه الله تعالى عليه ، إن كانت عقيدته سليمة ، تقترن بالتفقه في الدين ، والتعقل في أموره ، أمّا المندوبات فهي زيادة في الخير إذا اقترنت بالمعرفة ، والعقيدة السليمة ، ويتحقق ما يُرتجى منها من فوائد للدنيا والآخرة ، لنفسه ولمجتمعه.
والإمام علي عليهالسلام يحدد الأهداف والمنطلقات التي تدفع الناس إلى العبادة فيقول : «إنَّ قوماً عبدوا الله رغبة ، فتلك عبادة التجار ، وإنَّ قوماً عبدوا الله رهبة ، فتلك عبادة العبيد ، وإنَّ قوماً عبدوا الله شكراً ، فتلك عبادة الأحرار» (١).
والعبادة في الإسلام لا تقتصر على الطقوس العبادية : كالصلاة والصوم ، والحج فحسب ، بل تتعداها لتشمل جميع مجالات الحياة : كالتوسيع على العيال ، وإماطة الأذى عن الطريق ، ومساعدة الفقراء ، وحل المشكلات الاجتماعية ، ونشر العدل بين الناس ، وإرشادهم لما فيه الخير ، ومكافحة الرذائل والشر ، وكل عمل من شأنه إسعاد الناس في النشأتين فهو عبادة إذا أريد به وجه الله تعالى.
وفي ضوء ما تقدم لو تأملنا حياة الإمام علي عليهالسلام ، تلك الحياة التي بدأت بولادته في الكعبة ، وختمت باستشهاده في محراب مسجد الكوفة ، لوجدناها عبادة متواصلة ، يتجلى فيها الإخلاص بأسمى صوره وأفضل أشكاله ، حيث تجسده التضحيات ، ونكران الذات ، وتقديم مرضاة الله تعالى ، وطاعته على كل اعتبار.
والإمام علي عليهالسلام أول من عبد الله تعالى من هذه الأمة مع نبيها الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم
__________________
(١) نهج البلاغة ٤ / ٥٣.