ظلها العدل ، ومن بلغ هذا الحد من الإعراض عن الدنيا ، فهو حقاً مخالف لهواه.
محالفته التقوى :
ضرب الإمام علي عليهالسلام المثل الأعلى في تقواه ، والتزامه بما جاء به الشرع الشريف ، وتحرجه من المعاصي مهما كانت صغيرة ، يقول عليهالسلام : «والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جِلب شعيرة ما فعلته ، وإنَّ دنياكم عندي لأهون من ورقة في فم جرادة تقضمها ، ما لعلي ولنعيم يفنى ، ولذى لا تبقى (١)».
ويرسم لنا الإمام علي عليهالسلام الأسس التي يعتمدها في سيرته ، والتي ينبغي للمسلم أن يقتدي به فيها ، فيتخذها نهجاً للعمل ، فيقول : «إحذر أن يراك الله عند معصيته ، ويفقدك عند طاعته ، فتكون من الخاسرين ، وإذا قويت فاقوَ على طاعة الله ، وإذا ضعفت فاضعف عن معصية الله (٢)» ، وقد عرف عنه تقيده بهذا النهج القويم ، فهو لا يأمر بطاعة إلّا بعد تطبيقها على نفسه ، ولا ينهى عن معصية وهو منتهٍ عنها ، يقول عليهالسلام : «أيها الناس إنّي ـ والله ـ ما أحثكم على طاعة إلّا وأسبقكم إليها ، ولا أنهاكم عن معصية إلّا وأتناهى قبلكم عنها (٣)».
ونختم الحديث عن مخالفته الهوى ، ومحالفته التقى بما وصفه به حفيده الإمام الصادق جعفر بن محمد عليهالسلام حيث يقول : «والله ما عرض لعلي أمران كلاهما لله
__________________
(١) نهج البلاغة ٢ / ٢١٨.
(٢) نهج البلاغة ٤ / ٩٢.
(٣) نهج البلاغة ٢ / ٩٠.