ربَّه ، فرأيت أنَّ الصبر على هاتا أحجى (١) ، فصبرت وفي العين قذى ، وفي الحلق شجا (٢) ، أرى تراثي نهبا ...» (٣).
إنَّ عدم وجود الأنصار من جهة ، ولأنَّ قسماً لا يستهان به من قريش ، ومن المنافقين ، كانوا يراقبون الوضع ليحصلوا على فرصة مواتية من جراء حصول أي نزاع للإجهاز على الإسلام ، وما رواه المؤرخون في وصف موقف أبي سفيان ـ يومذاك ـ يلقي الضوء على ما ذكرناه ، حيث أراد أن يرفع لواء الجاهلية باسم الإسلام ليتدارك ما فاته من القضاء على الإسلام في بدر ، وأحد ، والأحزاب.
روى الطبري ، قال : «لمّا اجتمع الناس على بيعة أبي بكر ، أقبل أبو سفيان ، وهو يقول : والله إنّي لأرى عجاجة ، لا يفطؤها إلّا دم ، يا آل عبد مناف فيما أبو بكر من أموركم؟!. أين المستضعفان؟!. أين الأذلّان علي والعباس؟!. وقال : يا أبا الحسن أبسط يدك أبايعك ، فأبى علي عليه ، فجعل يتمثل بشعر الملتمس :
ولن يقيم على خسف يراد به |
|
إلّا الأذلان عير الحي والوتد |
هذا على الخسف معكوس برمته |
|
وذا يشج فلا يبكي له أحد |
فزجره علي عليهالسلام ، وقال : «إنك ـ والله ـ ما أردت بهذا إلّا الفتنة ، وإنَّك ـ والله ـ طال ما بغيت الإسلام شراً ، لا حاجة لنا في نصيحتك».
وروى الطبري : (أنَّ أبا سفيان قال لعلي : ما بال هذا الأمر في أقل حي من قريش ، والله لئن شئت لأَملأنَّها عليه خيلاً ورجالاً. فقال علي : «يا أبا سفيان طال
__________________
(١) أحجى : أجدر.
(٢) شجا : ما يعترض في الحلق من عظم.
(٣) نهج البلاغة ١ / ٣١.