ما عاديت الإسلام وأهله ، فلم تضره بذلك شيئاً» (١).
وروى ابن عبد ربه ، قال : (فلما قدم ـ أي أبو سفيان وكان في سفر عند وفاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ المدينة ، جعل يطوف في أزقتها ، ويقول :
بني هاشم لا يطمع الناس فيكم |
|
ولا سيما تيم بن مرة أو عدي |
فما الأمر إلّا منكم وإليكم |
|
وليس لها إلّا أبو حسن علي |
فقال عمر لأبي بكر : إنَّ هذا قد قدم ، وهو فاعل شرّاً ، وقد كان النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يستألفه على الإسلام ، فدع له ما بيده من الصدقة ، ففعل ، فرضي أبو سفيان ، وبايعه) (٢).
ونلاحظ أنّ موقف أبي سفيان الذي تظاهر به مدعيّاً نصرة الإمام علي عليهالسلام يحمل في طياته العودة إلى الجاهلية ، وعصبيتها القبلية ، فكلماته وما تمثل به ، وما أنشده من شعر ، يظهر أنَّ الرجل ينتصر لبني عبد مناف على بني تميم ، وبني عدي ، فهو يريد أن يثبت وجوده في الساحة ، ويعيد إلى الأذهان زعامته لقريش في الجاهلية ، تلك الزعامة التي أقصاه الإسلام عنها.
ويستخدم أبو سفيان عبارات جارحة على طريقة الجاهلية ، متصوراً أنها ستثير النعرة القبلية عند الإمام علي عليهالسلام ؛ ليحمله على أوعر الطرق ، ثم يعرض عليه المساندة بالخيل والرجال ، ولكنه فشل في مسعاه ؛ لأنَّ الإمام علياً عليهالسلام لا يساوم على دينه ، ولا يطلب النصر مستعينا بمن لا دين له ، بل رد على أبي سفيان بكشف نواياه ، وإظهاره على حقيقته ، فيئس أبو سفيان ، وتراجع عن موقفه لقاء أموال الصدقة التي كانت تحت يده ، وتركت له.
__________________
(١) تاريخ الأمم والملوك ٢ / ٤٤٩.
(٢) العقد الفريد ٤ / ٢٥٧.