فأنصفونا إن كنتم تؤمنون ، وإلّا فبوءوا بالظلم وأنتم تعلمون (١)».
وقال عليهالسلام لأبي عبيدة : «الله .. الله يا معشر المهاجرين ، لا تخرجوا سلطان محمد في العرب عن داره وقعر بيته ، إلى دوركم وقعور بيوتكم ، ولا تدفعوا أهله عن مقامه في الناس وحقه ، فوالله ـ يا معشر المهاجرين ـ لنحن أحق الناس به ، لأنّا أهل البيت ، ونحن أحق بهذا الأمر منكم ما كان فينا : القارئ لكتاب الله ، الفقيه في دين الله ، العالم بسنن رسول الله ، المضطلع بأمر الرعية ، المدافع عنهم الأمور السيئة ، القاسم بينهم بالسوية ، والله إنَّه لفينا ، فلا تتبعوا الهوى ، فتضلوا عن سبيل الله ، فتزدادوا من الحق بعداً (٢)».
قال ابن قتيبة : وخرج علي كرم الله وجهه يحمل فاطمة بنت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على دابة ليلاً في مجالس الأنصار ، تسألهم النصرة ، فكانوا يقولون : يا بنت رسول الله ، قد مضت بيعتنا لهذا الرجل ، ولو أنَّ زوجك وابن عمك سبق إلينا قبل أبي بكر ما عدلنا به.
فيقول علي كرم الله وجهه : «أفكنت أدع رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم في بيته ، لم أدفنه ، وأخرج أنازع الناس سلطانه؟!».
فقالت فاطمة : «ما صنع أبو الحسن إلّا ما كان ينبغي له ، ولقد صنعوا ما الله حسيبهم عليه (٣)».
يتبين لنا مما تقدم أنَّ الإمام علياً عليهالسلام ترك الخلافة حفاظا على الدين ، وإبقاءً على معتنقيه ، خوفاً من ردتهم ، وقد طلب بلسانه ما لم يتيسر له طلبه بالقوة ، فبين
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ / ١٨.
(٢) الإمامة والسياسة ١ / ١٩.
(٣) الإمامة والسياسة ١ / ١٩.