ولم تغير الخلافة من سيرة الإمام علي عليهالسلام شيئا ، فلم يعهد تأريخ ولاة الأمور رجلاً تسنّم منصباً ، ولم يكن له من ذلك المنصب سوى العناء ، والحرص على تنفيذ حكم الله عزوجل ، ولم يختص نفسه بشي غير الشعور بتحمل المسؤولية ، سوى الإمام علي عليهالسلام الذي كان أكثر إيثاراً وهو يتسنم منصب الخلافة منه قبل تسنمه.
كان الإمام علي عليهالسلام يرى أنَّه خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم بلا فصل ، وأنَّ الخلافة اغتصبت منه ، وأنَّها الحق الذي ثبت له بالنص ، وبأمر من الله عزوجل ، بلَّغ به الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد أيَّده في ذلك بنو هاشم رهط النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بما فيهم عمه العباس عليهالسلام ، وأيَّده ـ كما مر ـ عدد من أجلاء الصحابة ، وذوي الفضل منهم ، وتابعهم على ذلك شيعة أهل البيت من التابعين وإلى يومنا هذا.
وهو رأي لم يأتِ من فراغ ، ولم يكن أمراً إعتباطياً ، بل يستند إلى ركنين ، يرتبط أحدهما بالآخر ، ويتفرع عنه ، وهما : نص الرسول الكريم صلىاللهعليهوآلهوسلم على الإمام علي عليهالسلام بالخلافة في مواطن متعددة ، وأنَّ النص كان بأمر الله تعالى ، وعلى لسان من (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ)، وكما ثبت لدينا أنَّ الله عزوجل اختار محمداً صلىاللهعليهوآلهوسلم للرسالة ، فقد اختار علياً عليهالسلام لخلافته ، وهذا ما ثبت بالادلة الشرعية : نقلية ، وعقلية ، والنقلية جاءت في الكتاب والسنة بنصوص متعددة ، لسنا بصدد تكرارها ، وقد تضمن هذا الشرح عدداً غير قليل منها في مختلف فصوله ، وهي أدلة واضحة يعترف بصحة صدورها علماء المسلمين ، إلّا أنَّ بعضهم لا يأخذون بها ، حيث يؤوّلونها لغير المعاني التي تفهم منها ، إعراضاً عن ظاهر اللفظ بلا قرينة ، ولا دليل.
من هنا نعرف أنَّ ادعاء الإمام علي عليهالسلام بالخلافة ، ومطالبته بها ، وإصراره على أنَّها حقه الشرعي الذي فرضه الله عزوجل ، وبلَّغ به رسوله الكريم محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لم يكن أمراً غير معروف ، أو مما يدور حوله الشك ، لذا فليس هو محض ادعاء ، بل هو