فليس بوسع أحد أن يكفر ببعضها ، أو يجحده ، ويدعي مع ذلك البقاء على الإيمان لأنَّه يتمسك بالبعض الآخر ، ويقرّ به ، قال عزوجل : (أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ وَمَا اللَّـهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)(١).
والولاية وأصول العقيدة الأخرى ، مع الأحكام الشرعية الثابتة ، تشكل الهيكل العام للعقيدة الإسلامية ، كعقيدة متكاملة ، ونظام شامل للحياة ، فمن اُنقص منها جزءً أصاب عقيدته التشويه ، وخرجت عن مسارها الصحيح إلى الإنزلاق في مهاوي الكفر ، والضلال ، والخروج عن الإسلام.
وبعد هذه المقدمة لا بد لنا من ذكر مقدمة أخرى ليتضح لنا ما يرمي إليه الإمام الهادي عليهالسلام في هذه الفقرة من الزيارة :
لقد عُرف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ قبل البعثة في دار الشرك ـ بالصادق الأمين ، فلا ينكر أحدٌ صدقه ، وقد شهد له بذلك الأعداء قبل الموالين والأتباع ، وأثبتته التجارب المتكررة ، ثمَّ جاء الوحي فأكَّد ذلك وأيَّده ، فأخبر الذكر الحكيم أنَّه يفصح في أقواله عمّا يوحى إليه ، قال عزوجل : (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَىٰ)(٢).
وفي مقام آخر يؤكد الذكر الحكيم أنّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لا يتصرف في أمر الرسالة بشيء ، ولا يقول إلّا ما أمر الله تعالى به ، ولو خالف لعجل له بالعقوبة ، يقول عزوجل : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ * وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَّا تُؤْمِنُونَ * وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ * تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ * وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الْأَقَاوِيلِ * لَأَخَذْنَا
__________________
(١) البقرة ٢ : ٨٥.
(٢) النجم ٥٣ : ٣ ـ ٥.