الناس ، فالخلق كلهم عباد الله ، وكل فرد منهم يستحق ـ باعتباره إنساناً ـ أن يعيش بحرية ، وأن تحفظ له كرامته ، وأن ينال قسطه من العدل ، فيعامل بإنصاف ، ولا يحق لإنسان أن ينتهك حرمة أخاه الإنسان ، فيوجه له أي نوع من أنواع الأذى ، إلّا إذا كان ذلك جزاءً عادلاً يفرضه القانون ، حسب الحدود التي رسمتها الشريعة الغرّاء ، وقد جاء في الحديث الشريف : «المسلم من سلم الناس من لسانه ويده» (١) ، فانتهاك حرمة أي إنسان مخالفة للشريعة الحقة ، يحاسب عليها مرتكبها.
وإذا كانت نظرة الإسلام إلى حرمة الإنسان بهذا الشكل ، فكيف بمن ينتهك حرمة المؤمن عامداً؟! بل ، وحرمة سيد المؤمنين ، ويعسوبهم؟! فيعتدي عليه ، ويوجه له أصناف الأذى دون مبرر سوى الحسد والتعصب.
لقد أصاب الإمام علياً عليهالسلام حيفٌ كبير ، وانتهكت حرمته طيلة حياته ، فكان يشعر بأنَّه مظلوم ، وكان الظلم فاحشاً تجاوز الحدود ، وترك أثراً مؤلماً على الإمام علي عليهالسلام ، ولم يقتصر هذا الظلم على فترة دون أخرى من حياته بعد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولعله ظلم وانتهكت حرمته أيام تسنّمه الخلافة ، أكثر مما ناله من ظُلم وهو لا يمسك بزمام الأمور ، يقول عليهالسلام : «ما زلت مظلوماً منذ قبض الله رسوله حتى يوم الناس هذا» (٢) ، وقال عليهالسلام ـ وقد سمع صارخاً ينادي : أنا مظلوم ـ : «هلم فلنصرخ معاً ، فإنّي ما زلت مظلوماً» (٣) ، وقال عليهالسلام : «ما زلت مستأثراً عليَّ ، مدفوعاً عما أستحقه ، وأستوجبه» (٤) ، وقال عليهالسلام : «ولقد أصبحت الأمم تخاف ظلم رعاتها ،
__________________
(١) السنن الكبرى للنسائي ٨ / ١٠٥ ، مسند أحمد ٢ / ٢٢٤.
(٢) شرح نهج البلاغة ٢٠ / ٢٨٣.
(٣) شرح نهج البلاغة ٩ / ٣٠٧.
(٤) شرح نهج البلاغة ٩ / ٣٠٧.