أما الحديث الذي رواه الإمام علي عليهالسلام في هذه الفقرة فيعرف بـ (حديث المنزلة) ، وقد اشتهرت روايته في غزوة تبوك ، حيث استخلف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم الإمام علياً عليهالسلام على المدينة ، فأرجف المنافقون بأنَّه استثقله ، وكره صحبته ، فتبع الإمام علي عليهالسلام الرسول المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى خارج المدينة المنورة ، وأخبره بما أرجف به المنافقون ، فأجابه : «كذبوا ولكن خلفتك لما تركت ورائي ، أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلّا أنَّه لا نبي بعدي» ، وفي بعض الروايات : «لابد أن أقيم أو تقيم» وفي رواية أخرى : «إنَّه لا ينبغي أن أذهب إلّا وأنت خليفتي» وفي رواية ثالثة : «فإن المدينة لا تصلح إلّا بي أو بك» (١).
وقد اقتصر كثير من المحدثين على رواية هذا الحديث في هذه المناسبة دون غيرها ، وحاول بعضهم الإستدلال على اختصاصه بها ، فهو يخص استخلافه على المدينة المنورة عند خروجه لغزوة تبوك ، وروى بعضهم أنَّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم استخلف على المدينة غيره ، وقد خلفه على أهله فقط ، وهذا يخالف ما يستفاد من الحديث ، لأنَّ خلافته على المدينة كخلافة هارون عليهالسلام على أمة موسى عليهالسلام ، ولكن هذه محاولات باطلة ، لا يمكن إثباتها ، ترمي لإبعاد الحديث عما يفهم منه من إرادة خلافة الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم.
وحديث المنزلة من الأحاديث المتواترة ، وقد تعددت مناسبات صدوره عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قبل تبوك ، وبعدها ، وقد بلغت موارد صدوره ـ في حدود ما اطلعت عليه ـ واحداً وعشرين مورداً ، منها هذه الرواية التي رواها الإمام الهادي عليهالسلام في الزيارة عن جده المرتضى عليهالسلام ، ومن الواضح أنَّ هذه الرواية لا ارتباط لها بغزوة تبوك ، لأنَّها صدرت في واقعة اشتركا فيها معاً ، وكان الوصي المرتضى عليهالسلام يذب
__________________
(١) راجع ص ٣٠ من كتاب : (حديث المنزلة) للمؤلف.