وَكُلًّا وَعَدَ اللَّـهُ الْحُسْنَىٰ وَفَضَّلَ اللَّـهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا). ومن الواضح أن الوعد بالحسنى للقاعدين يكون جزاءاً مترتباً على ما يقدمونه من دعم للمجاهدين ، واستعدادهم للجهاد إذا دعت الحاجة إليهم.
أما أولي الضرر فاستثناؤهم جاء لأنَّ التكليف ساقط عنهم بسبب عجزهم عن الجهاد ، وأمّا المتهربون فهم مأثومون ، لذا لا تصح المفاضلة بينهم وبين المجاهدين أو المعذورين ، والمجاهد أفضل من القاعد المكتفي بغيره ، لمخاطرته بنفسه ، وتحمله من مشقة الجهاد ما لا يخفى ، وصبره على المشقة ، والأذى في سبيل الله ، أمّا القاعد فهو وإن كانت نيته مع المجاهدين ، ويود لو كان قد اشترك معهم في أداء واجب الجهاد المقدس ، وبالفعل يقوم بدعمهم ، ولكنه يعيش ، ويعمل ذلك في محيط خال من الأخطار ، وما يتحمله المجاهدون ، فهو دونهم في الفضل.
والمجاهدون يتفاضلون فيما بينهم كل حسب ما يقدم من جهد ، وما يتحمل من مشقة الجهاد ، فمن حضي بالبذل في سبيل الله أكثر كان أفضل (والأجر على قدر المشقة) ومن هنا تعرف مكانة الإمام علي عليهالسلام بين المجاهدين ، كان أكثرهم جهاداً ، وأكثرهم مشقة وجهوداً في سبيل إعلاء كلمة الحق ورفع راية الإسلام الحنيف ، وكثيراً ما حسم المعارك لصالح المسلمين ، وقد شهد له بذلك الكتاب العزيز والسنة النبويّة الشريفة ، كما أقرَّ له به المؤمنون ، ونقل التاريخ صوراً رائعة من جهاده ، ومواقفه البطولية التي طالما جاءت بالنصر المؤزر للإسلام ، أو حولت هزيمة المسلمين إلى نصر ماحق لقوى الشرك ، وحولت نصر المشركين إلى هزيمة.
يؤوب من القتال مثخناً بالجراح ، يداوي جراحه فترة من الزمن حتى يبرأ منها ، ثم يستعد للقاء خصوم الإسلام في معركة جديدة ، هذا ما عرفه به الصحابة