الإمام علي عليهالسلام ؛ لأنَّه سيد المؤمنين ، وأولهم إيماناً ، والإيمان من جهة ، والفسق والنفاق من جهة على طرفي نقيض ، والإمام علي عليهالسلام بجهاده قد وتر الفاسقين ، والمنافقين بقتله أئمة الكفر ، ورؤوس الضلال ، لذلك استحكم عداؤهم له.
وكان هؤلاء يتربصون الفرص لإثارة الفتن ، ويتعللون بكل ذريعة للخروج على الدين الحنيف ، يحاولون الإجهاز عليه ، والتخلص منه ، وبذلك كانوا يشكّلون خطراً مستمراً يهدد الأمة الإسلامية.
وعندما اُبلغ النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم باستجابة دعائه للإمام علي عليهالسلام ، واُمر بأن يعلن ولايته للأمة من بعده ، ويلزمهم بالتمسك بها ، لتتم الحجة بذلك عليهم ، بعد أن يعرِّفهم بولي أمرهم ، توقف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم عن التبليغ ، وأراد تأخيره ، ولم يكن ذلك تلكؤاً منه ، وتردداً في تبليغ ما أمر الله تعالى به ، فقد كان أتقى ، وأورع ، وأقوى من ذلك ، وهو الذي نهض بمفرده ، متحدياً العالم كله ، إذ أعلن دعوة التوحيد ، ولم يُرهِبه العالم بأسره ، ينفّذ إرادة الله عزوجل ، وهو غير مكترث بما يحيط به من خطر ، وقد قال كلمته المشهورة : «والله لو وضعوا الشمس في يميني ، والمقر في يساري على أن أترك هذا الأمر ، حتى يظهره الله ، أو أهلك فيه ، ما تركته» (١).
ولكنه صلىاللهعليهوآلهوسلم أراد فسحة في الوقت ليمهِّد لهذا الأمر الخطير قبل إعلانه ، ليفوِّت الفرصة على الفاسقين ، والمنافقين ، كي لا يستغلوا هذا الموقف للتلاعب بعواطف الناس ، ويعملوا على إعادة الناس إلى جاهليتهم ، وكان إعلان الولاية ـ بما يتضمنه من إظهار ما منحه الله تعالى للإمام علي عليهالسلام من الفضل ، والكرامة ، والتقديم على سائر المسلمين ، بجعله تالي الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في الفضل ـ يثير حسد قوم ، وضغائن آخرين.
__________________
(١) البداية والنهاية ٣ / ٦٣.