يرسلوا فرسانهم وأبطالهم للقتل؟!. وما الفائدة من المقام في مثل هذا المكان؟!. وإلى متى؟!. وكيف يؤمَّن لذلك الجيش الكبير ما يحتاجه من ميرة؟!.
كان مصرع عمرو هاجساً أثار التساؤلات ، وأدخل الرعب ، وأدى إلى اليأس ، فانتهى الأمر برجوع الجيش عن المدينة يجر أذيال الخيبة والفشل ، يقول الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري ـ الذي رافق الإمام علياً عليهالسلام عندما خرج لمبارزة عمرو ـ : (والله ما شبهت يوم الأحزاب قتل علي عمرواً ، وتخاذل المشركين بعده إلّا بما قصه الله تعالى من قصة طالوت وجالوت في قوله : * (فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللَّـهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ)(١) *» (٢).
رد الله المشركين والذين تحالفوا معهم عن المدينة المنورة ، وهم يتحرقون من الغيض ، لما نالهم من هذا الغزو الخاسر ، ولأنَّهم لم يحققوا شيئاً طيلة هذه المدة التي قضوها في محاصرتهم المدينة ، بل تحملوا خسائر جسيمة بما هيئوا من السلاح والمتاع ، وما أنفقوا مدة مكثهم عند الخندق ، وقد فقدوا أشجع فرسانهم.
أمّا المسلمون فقد كفاهم الله عزوجل قتال جيش الأحزاب بما تحقق لهم من نصر حاسم على يد الإمام المرتضى عليهالسلام ، كان سبباً في يأس الأحزاب ، وعودتهم خائبين ، وقد روي أنَّ ابن مسعود كان يقرأ : «وكفى الله المؤمنين القتال بعلي بن أبي طالب» (٣) ، كما روي عن ابن عباس في قوله : «وكفى الله المؤمنين القتال». قال : كفاهم الله القتال يوم الخندق بعلي بن أبي طالب حين قتل
__________________
(١) البقرة ٢ : ٢٥١.
(٢) شرح نهج البلاغة ١٩ / ٦٢.
(٣) تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٣٦٠ ، الدر المنثور ٥ / ١٩٢ ، شواهد التنزيل ٢ / ٧ ، ميزان الإعتدال ٢ / ٢٨٠.