بين المسلمين والمشركين ، يوم الجمعة في النصف من شوال من السنة الثالثة للهجرة ، وكان سببها خروج قريش ليثأروا في بدر ، وينتقموا من المسلمين لما أصابهم من خسائر مادية ممّا غنمه المسلمون عند فرار المشركين ، وما أخذوه فداءً ممن أسر منهم لإطلاق سراحهم.
إتفق المشركون على أن يجعلوا أرباح تجارتهم التي حملتها القافلة التي أفلتت يوم بدر من أيدي المسلمين لتأجيج حرب جديدة على الإسلام بتلك الأموال ، واستعدوا لذلك أتم استعداد ، وحرَّضوا القبائل المحيطة بمكة للخروج معهم ، وأخرجوا معهم النساء ، ليذكرنهم بقتلى بدر ، ويشجعنهم على القتال.
بلغ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم نبأ استعداد قريش وخروجهم لحربه ، فجمع المسلمين للتشاور معهم ، وكان رأيه البقاء في المدينة ، والتحصّن بها ، وقال لهم : «إن رأيتم أن تقيموا بالمدينة ، وتَدَعوهم حيث نزلوا ، فإن أقاموا ، أقاموا بشر مقام ، وإن هم دخلوا علينا ، قاتلناهم فيها». فوقع خلاف بين المسلمين ، وصاروا فريقين :
فريق أيَّد رأي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في المقام بالمدينة المنورة ، ومن هؤلاء عبد الله بن اُبي بن سلول رأس المنافقين ، وكان من المتحمسين لهذا الرأي.
وفريق كانوا متحمسين للقتال ، ونيل الشهادة ، وهؤلاء يريدون الخروج للقاء العدو ، فاندفعوا لرأيهم دون أن يشعروا بما ارتكبوه من مخالفة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، واشتد النزاع بين الفريقين ، وألح الراغبون في الخروج للقتال ، ونيل الشهادة عليه إلحاحاً شديداً ، فساءه ما حصل من النزاع ، ودخل بيته ، ثم خرج عليهم وهو لابس لامة حربه استعداداً للخروج.
ندم المتحمسون للخروج على مخالفتهم لرغبة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وشعروا بأنَّهم ارتكبوا خطأ جسيماً ، باستكراههم إياه ، ومخالفتهم لما يرغب ، فجاءوا إليه