ليستطلع له أخبارهم ، ثمَّ عاد ، وأخبره بعددهم وعدَّتهم ، فتهيأ للخروج إليهم ، فخرج بألفين من الذين أسلموا يوم الفتح من أهل مكة ، وبالجيش الذي فتح به مكة ، فكان عددهم اثني عشر ألف رجل ، وقد اُعجب المسلمون بكثرتهم ، إذ لم يسبق لهم أن يخرجوا بهذه الكثرة ، وظن أكثرهم أنَّ هذه الكثرة لا تغلب ، وأنَّ النصر سيكون حليفهم ، فقال أبو بكر : (لن نغلب اليوم من قلة) ، وإلى هذا أشارت الآية الكريمة : (إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ) ولكن الأحداث أثبتت عكس ذلك ، وأنَّ الكثرة لم تغن عنهم شيئاً.
إنحدر جيش المسلمين ليلاً في وادٍ شديد الإنحدار من أودية تهامة ، كان جيش هوازن قد سبقهم إليه ، وكمن لهم في مضايقه ، وشعابه ، ومنعطفاته ، فشدَّ عليهم جيش هوازن شدة رجل واحد ، فتفرق المسلمون ، ودخلهم الرعب والفزع ، وانهزموا أمام زحف العدو والسبب الذي أدى إلى هذه الهزيمة يعود إلى أمور منها :
١ ـ إنَّ القتال كان في الليل ، وفي منطقة وعرة ، وأرض متعرجة لا يعرف المقاتلون مسالكها ، بينما كان العدةو يقاتل في أرضه التي يعرف مسالكها جيداً ، فأحاط بجيش الإسلام من كل جانب.
٢ ـ وجود عدد لا يستهان به من المنافقين في جيش المسلمين ، وقد خرجوا مع الجيش من المدينة ، وهؤلاء يتربصون بالإسلام الدوائر ، ويريدون القضاء على الإسلام ونبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهم لا يثبتون عند لقاء العدو وقتاله.
٣ ـ إنَّ ألفي مقاتل من ذلك الجيش كانوا من مسلمي فتح مكة ، وهؤلاء لم يخرجوا للقتال عن عقيدة راسخة ، لأنَّ الإسلام لم يتمكن بعد من قلوبهم ، وأكثرهم دخل الإسلام رهبة ، ولم يدخله رغبة ، فهم بين مشرك يتظاهر بالإسلام ، وبين