هديه ، والذي ثبتت عصمته ، لا يمكن أن يحيد عن الأسس والأحكام التي قررها الدين الحنيف قيد شعرة ، وقد حفل التأريخ بشواهد كثيرة على نبذه الأساليب والسبل التي لا تتفق مع مبادئه وأخلاقه ، وتحمله في ذلك النتائج التي يفرزها هذا السلوك حتى لو كانت غاية في القسوة ، وقد اشتهر عنه عليهالسلام ـ على سبيل المثال ـ موقفه مع معاوية في طريقه إلى صفين ، فلم يقابله بالمثل عندما أخذ شريعة الفرات من جيش معاوية ، بل سمح لهم أن يتزودوا من الماء ، وكانوا يريدون قتله وجيشه بالعطش.
الإمام علي عليهالسلام صاحب رسالة ، ورجل مبادئ ، لا يرضى لنفسه أن يكسب موقفاً على حساب دينه ، ولم يكن همّه بسط السيطرة وتوسيع السلطان فحسب ، بل كان همه الأكبر تطبيق أحكام الدين ، وبسط العدل ، وهداية الخلق ، بدعوتهم إلى الله عزوجل ، وتعليمهم أحكام الدين وآدابه ، وإلّا فما قيمة التوسع إذا كان على حساب الأخلاق ، والآداب ، والأحكام التي جاء بها الدين الإسلامي الحنيف.
لقد قارن الناس بين ما كان يجري في ظل حكومة الشام على يد معاوية ، وبين ما كان يجري في ظل الدولة الإسلامية على يد الإمام علي عليهالسلام ، وجعلوهما ضمن معادلة ذات طرفين ، وأخذ بعضهم يكيل الإنتقادات لما صدر عن الإمام علي عليهالسلام ، وكأنَّهم بذلك يريدون أن يجعلوا منه نظيراً لمعاوية في ما ارتكب ، ويأبى هو إلّا أن يكون نظيراً ومتبعاً للحبيب المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يطبق سيرته ، فاعتبر بعضهم سياسته غير رشيدة ، ولم تكن هذه الإعتراضات والإنتقادات وليدة زمن محدود ، بل واجهت الإمام علياً عليهالسلام في حياته ، واستمرت إلى يومنا هذا ، تجري بها ألسن الخطباء ، وأقلام الكتاب ، ومن هذه الإعتراضات :
١ ـ سياسته المالية : وهي التي تتمثل في تسويته بين الناس في العطاء ،