من كل ما أظلته السماء ، فشحَّت عليها نفوس قوم ، وسخت عنها نفوس قوم آخرين ، ونعم الحكم الله» (١) ، وهذا يؤيد أنَّ فدكاً كانت في يد الزهراء عليهاالسلام ، وقد طالبت بها على أنَّها نحلة من أبيها الرسول المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فطولبت من قبل الخليفة بإقامة البيِّنة على ذلك ، فأقامتها ، وكان شهودها في القضية ثلاثة شهد الذكر الحكيم بإهاب الرجس عنهم وتطهيرهم ، وهم : نفس النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وسبطاه سيدا شباب أهل الجنة عليهمالسلام ، وقد أعلى الله درجة هؤلاء الصفوة بما خصهم من الفضائل التي شهد بها الذكر الحكيم ، ونصَّت عليها السنة النبوية الشريفة ، حيث فرض الله عزوجل على الأمة مودتهم ، وولايتهم ، وجعلهم عدل القرآن ، وأوجب الصلاة عليهم ، إلى غير ذلك مما حباهم به ، فأبان فضلهم ، وشرَّفهم على العالمين ، وقد مرَّ الإستدلال على عصمتهم.
وشهادة الإمام علي عليهالسلام للبضعة فاطمة الزهراء عليهاالسلام ممّا اتفق عليه جميع الرواة من الشيعة والسنة ، ويروي السنة أنَّ أم أيمن رضي الله عنها شهدت لها معه ، ويقولون : إنَّ أبا بكر ردَّ شهادتها ، لعدم إتمام الشهادة ، وهو اعتذار وُلد بعد عهد طويل ، ولكن روايات أهل البيت عليهمالسلام تنص على شهادة السبطين الحسن والحسين عليهماالسلام في القضية ، وهي أصح ما روي في الموضوع لأمرين : الأول : إنَّ أهل البيت هم أعلم بما جرى في هذا الشأن الذي يهمهم ، ويرتبط بأحقيتهم بخلافة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم.
الثاني : إنَّ رواية غيرهم في هذا الموضوع لم تسلم من التلاعب تعصباً للسلف ، وتوجيهاً لما تصرَّفوا به ، وما نتج عنه من حيف كبير أصاب العترة الطاهرة.
وقد ردَّ ابن حجر رواية الشيعة عن أهل البيت عليهمالسلام ، فقال : (وزعمهم ـ أي
__________________
(١) نهج البلاغة ٣ / ٧١.