كان لابد للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يخطط لخروجه من بينهم ، فيبقي مكانه أحداً ، حتى لا يشعر المشركون بخروجه ، فيفسد عليه أمره ، وكانت عنده لبعض أهل مكة أمانات ، لابد أن يودعها عند من يأتمنه ، لإعادتها إلى أهلها ، ولابد أن يعهد لمن يرعى عائلته ، وينقلها إلى دار هجرته.
ومما لاشك فيه أنَّ من يمكث مكانه سيتعرض للخطر ، إذ سيُجْهز عليه المشركون في الوقت الذي يرونه مناسباً لذلك ، فإن شعروا بما حدث من تدبير ، وذهلوا عن قتله بالبحث عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فإنَّه سوف لا يسلم من الأذى والتعذيب ، لأنَّه فوَّت عليهم الفرصة ، فأفشل ما خططوا له ، وهم يطمعون أن يدلهم عليه ، ويخبرهم بالجهة التي توجه إليها ، ويصبح هو الخصم الذي ساعده على النجاة من مكرهم ، وفي ذلك ما يكفي للإنتقام منه.
كانت مهمة من يبيت على فراش النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في تلك الليلة مهمة بالغة الصعوبة ، وليس للمهمات ، والشدائد ، والصعاب سوى المرتضى الكرار عليهالسلام ، فاستدعاه ، وبيَّن له ما خطط له القوم ، وعرض عليه ما عزم عليه ، وبيَّن له الواجبات التي تلقى على عاتقه ، فاستجاب الإمام علي عليهالسلام لأمر الله تعالى ، ولأمر رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم بدون تردد ، مصمما على إنجاز ما عهد به إليه من المهمات على أكمل وجه ، وأحسنه ، حتى لو كلفه ذلك حياته.
خرج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وسار حتى بلغ مأمنه ، بينما اضطجع الإمام علي عليهالسلام في مضجعه ، وكان المشركون يتسورون الدار ، فيجدونه مضطجعاً في فراش النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، متشحاً ببرده الحضرمي ، فيقذفونه بالحجارة ، وكان يتحمل الألم ، ولا يتحرك من مكانه ، كي لا يشعروا بخروج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فيتركوا الدار ، ويذهبوا للبحث عنه.