وعمق ، إنَّ رجلاً قضى عمره الشريف في طاعة الله عزوجل ، بلا كلل ، ولا ملل ، وتحمل ما تحمل في سبيل ذلك من المخاطر ، يلقي نفسه في لهواتها دون اكتراث ، ولم يزل يجد ويجتهد في العمل دائباً ، مسخراً كل طاقاته في سبيل إعلاء كلمة الله تعالى في الأرض بالدعوة إلى دينه ، والسعي إلى تطبيق شريعته الغراء ، وإقامة العدل على الأسس التي وضعتها ، لم يغفل عن ذلك لحظة واحدة ، ولم يترك العمل به ، ولم يتوان عنه ، كما لم تخطر له المعصية على بال ، مثل هذا الإمام الطاهر عليهالسلام يصعب وصفه ، ويصعب مدحه بما هو أهله ، وبما يستحق ، فأي فضيلة من فضائله يستطيع الباحث ـ مهما أوتي من القدرات والمواهب العلمية والأدبية ، والدقة في البحث ـ أن يشبعها بحثاً ، وتدقيقاً ، فضلاً عن الإطاحة بالجميع؟!.
أمّا الذي يريد إحباط فضله عليهالسلام ، فهمته أشد صعوبة وعسراً ، لأنَّه كمن يريد أن يأتي برابعة المستحيلات ، أو يريد أن يحجب نور الشمس بحجاب رقيق ، فهو لا يستطيع أن يجد فيمن طهَّره الله عزوجل من الرجس تطهيرا ، وعصمه من الزلل سوى الفضائل والمكرمات ، وإذا تركنا ما جاء في الكتاب العزيز ، والسنة النبوية الشريفة جانباً ، مجاراة لمن يرى التأويل ، أو يدعي التكذيب والتحريف ، فإنَّ ما جاء في كتب التاريخ عن سيرته ـ على الرغم من توجّهات كاتبيها ـ يشهد للوصي المرتضى عليهالسلام بأسمى افضائل ، فيدونها بفخر واعتزاز ، ويشهد على أعدائه بالتجني ، والزور ، والبهتان ، والظلم ، ويدون مخازيهم ، ومخالفاتهم للكتاب العزيز ، والسنة النبوية الشريفة ، وقد أجهدوا أنفسهم ، وأتعبوها ، ليختلقوا مطعناً ، يمكنهم إلصاقه به ، فلم يتمكنوا ، وقد جازفوا بذلك ، فافتضحوا ، وباءوا بالفشل ، وبان ما ارتكبوه من بهتان ، ثمَّ اتجهوا لإخفاء فضائله ، فاستخدموا لذلك كل ما لديهم من قوة ، وقسوة ، فقطعوا العطاء ، وهدموا الدور ، وسجنوا ، وعذبوا ، وقتلوا ، فلم تنجح تلكم