أحد. فأنكرنا ذلك ، فقال ابن عبّاس : بيني وبين من أنكر ذلك كتاب الله ، إنّ الله يقول في يوم أحد (وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ) والحسّ : القتل (حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ) (١) الآية. وإنّما عنى بهذا الرّماة. وذلك أنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم أقامهم في موضع. وقال : احموا ظهورنا ، فإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا ، وإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا. فلما غنم رسول الله صلىاللهعليهوسلم وانكفأ عسكر المشركين ، نزلت الرّماة فدخلوا في العسكر ينتهبون ، وقد التفّت صفوف أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فهم هكذا ، وشبّك أصابعه ، وانتشبوا (٢). فلما خلّى الرّماة تلك الخلّة (٣) التي كانوا فيها ، دخل الخيل من ذلك الموضع على أصحاب النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فضرب بعضهم بعضا ، والتبسوا (٤). وقتل من المسلمين ناس كثير. وقد كان لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وأصحابه أوّل النهار ، حتى قتل من أصحاب لواء المشركين سبعة أو تسعة. وجال المسلمون جولة نحو الجبل. وصاح الشّيطان : قتل محمد. فلم يشكّ فيه أنّه حقّ. وساق الحديث.
وقال سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة ، عن أنس ، عن أبي طلحة ، قال : كنت ممّن تغشّاه النّعاس يوم أحد ، حتى سقط سيفي من يدي مرارا. أخرجه البخاري (٥).
وقال حمّاد بن سلمة ، عن ثابت ، عن أنس ، عن أبي طلحة ، قال :
__________________
(١) سورة آل عمران : من الآية ١٥٢.
(٢) في الأصل : التبسوا. والتصحيح من مسند أحمد (١ / ٢٨٧) وتفسير ابن كثير (٢ / ١١٤) وانتشبوا أي تضامّوا وتعلّق بعضهم ببعض. (تاج العروس ٤ / ٢٦٩).
(٣) الخلة : الهضبة.
(٤) في هامش الأصل : التبسوا أي اختلطوا.
(٥) صحيح البخاري : كتاب المغازي ، باب «ثم أنزل عليكم من بعد الغمّ أمنة نعاسا» إلخ (٥ / ١٢٧).