سريّة نجد (١)
قيل إنّها كانت في المحرّم سنة ست
قال اللّيث بن سعد : حدّثني سعيد المقبري أنّه سمع أبا هريرة يقول : بعث رسول الله صلىاللهعليهوسلم خيلا قبل نجد ، فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال (٢) سيّد أهل اليمامة ، فربطوه بسارية من سواري المسجد ، فخرج إليه رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : ما عندك؟ قال : عندي [٥٥ أ] يا محمد خير ، إن تقتل تقتل ذا دم ، وإن تنعم على شاكر ، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت. فتركه رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، حتى كان من الغد ، فقال : ما عندك يا ثمامة؟ قال : عندي ما قلت لك إن تنعم تنعم على شاكر ، وإن تقتل تقتل ذا دم ، وإن كنت تريد المال فسيل تعط منه ما شئت. فقال : أطلقوه. فانطلق إلى نخل قريب من المسجد ، فاغتسل ثم دخل المسجد فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأنّ محمدا رسول الله. يا محمد ، والله ما كان على وجه الأرض أبغض إليّ من وجهك ، وقد أصبح وجعك أحبّ الوجوه كلّها إليّ. والله ما كان دين أبغض إليّ من دينك ، فأصبح دينك أحبّ الدّين كلّه إليّ. والله ما كان من بلد أبغض إليّ من بلدك ، فأصبح بلدك أحبّ البلاد كلّها إليّ وإنّ خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة ، فما ذا ترى؟ فبشّره رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، وأمره أن يعتمر. فلما قدم مكة قال له قائل : صبوت يا ثمامة. قال : لا ، ولكنّي أسلمت ، فو الله لا يأتيكم من اليمامة حبّة حتى يأذن فيها رسول الله صلىاللهعليهوسلم. متّفق عليه (٣).
__________________
(١) ذكرها ابن كثير في بداية حوادث سنة ستّ من الهجرة ، وقال هي سرية محمد بن مسلمة قبل نجد (٤ / ١٤٩) وذكرها ابن هشام بعنوان : أسر ثمامة بن أثال الحنفي وإسلامه. (٤ / ٢٤٥) وانظر تاريخ الطبري ٣ / ١٥٦.
(٢) أثال : بضم الهمزة. (الإكمال ١ / ١٧ بالهامش).
(٣) صحيح البخاري : كتاب المغازي ، باب وفد بني حنيفة وحديث ثمامة بن أثال.