قال : فلم يملك اليهوديُّ أن صاح ، يا مَعْشَر العرب ن هذا جدّكُمُ (١) الذي تنتظرون (٢). فثار المسلمون إلى السّلاح. فتلقّوه بظهر الحرّة ، فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل في بني عمرو بن عوف (٣) يوم الإثنين من ربيع الأول. فقام أبو بكر للنّاس فطفق من لم يعرف رسول الله على الله عليه وآله وسلم يسلم على أبي بكر حتى أصابت الشمس رسول الله صلى الله عليه وسلم. [٤ أ] ، فاقبل أبو بكر يظلّه بردائه ، فعرف الناس عيد ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. فلبث في بني عمرو بن عوف بضع عشرة ليلة ، وأسس مسجدهم. ثم ركب راحلته وسار حوله النّاس يمشون ن حتى بركت به مكان المسجد ، وهو يصلّي فيه يومئذٍ رجال من المسلمين. وكان مربداً (٤) لسهل وسهيل. فدعاهما فساومهما بالمربد ليتّخذه مسجداً ، فقالا : بل نهبه لك يا رسول الله. ثم بناه مسجداً ، فقالا : بل نهبه لك يا رسول الله ، ثم بناه مسجداً ، وكان ينقل اللّبن معهم ويقول :
هذا الحمال ، لا حمال (٥) خيبر |
|
هذا أبرُّ ـ ربّنا ـ ,أطهر (٦) |
ويقول :
اللهم إنّ الأجر أجر الآخره |
|
فارحم الأنصار والمهاجره (٧) |
__________________
(١) جدّكم : أي حظكم وصاحب دولتكم.
(٢) في نسخة الأمير عبد الله ، طبعة شعيرة «تنظروه».
(٣) منازل بني عمرو بقباء ن وهي على فرسخ من المسجد النبويّ على الله عليه وآله وسلم. أفاده العيني. (شرح البخاري).
(٤) المربد : كل شيء حبست به الإبل والغنم ، والجرين الذي يوضع فيه التمر بعد الجداد لييبس.
قال سيبويه : هو إسم كالمطبخ. وقال الجوهري : المربد للتمر كالبيدر للحنطة. (تاج العروس ٨/٨٢.
(٥) الحمال : بالكسر ، جمع حمل (بالفتح) وهو تمر الشجر ، قال في (تاج العروس): ومنه الحديث «هذا الحمال لا حمال خيبر» يعني تمر الجنّة وأنّه لا ينقد. وفي صحيح البخاري ٤/٢٥٨ والسيرة النبوية لابن كثير ٢/٣٠٤ «حمال» بضم اللام ، وهو غلط.
(٦) صحيح البخاري ٤/٢٥٨ ، الكبقات الكبرى لابن سعد ١/٢٤٠ ، السيرة لابن كثير ٢/٣٠٤.
(٧) القول في صحيح البخاري ٤/٢٥٨ ويروي:
«اللهم لا خير إلّا خير الآخره |
|
فانصر الأنصار والمهاجره |