مجّ فيه ، وأمر أن يصبّ في البئر ، ونزع سهما من كنانته فألقاه في البئر ودعا الله تعالى ، ففارت بالماء حتى جعلوا يغترفون بأيديهم منها ، وهم جلوس على شفتها. وقد كان النّبيّ صلىاللهعليهوسلم سلك على غير الطريق التي بلغه أنّ قريشا بها.
قال ابن إسحاق (١) : فحدّثني عبد الله بن أبي بكر ، أنّ رجلا من أسلم قال : أتانا رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : فسلك بهم طريقا وعرا «أرجل (٢) بين (٣) شعاب ، فلما خرجوا منه وقد شقّ ذلك على المسلمين ، وأفضوا إلى أرض سهلة عند منقطع الوادي ، قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : قولوا «أستغفر الله ونتوب إليه» فقالوا : ذلك. فقال : «والله إنّها للحطّة (٤) التي عرضت على بني إسرائيل فلم يقولوها».
قال عبد الملك بن هشام (٥) : فأمر رسول الله صلىاللهعليهوسلم النّاس فقال : «اسلكوا ذات اليمين بين ظهري المحمص (٦) في طريق تخرجه على ثنيّة المرار ، مهبط الحديبيّة من أسفل مكة» فلما رأت قريش قترة الجيش قد خالفوا عن طريقهم ركضوا راجعين إلى قريش.
وقال شعبة ، وغيره ، عن حصين ، عن سالم بن أبي الجعد قال : قلت لجابر : كم كنتم يوم الشّجرة؟ قال : كنّا ألفا وخمس مائة : وذكر عطشا
__________________
(١) سيرة ابن هشام ٤ / ٢٥.
(٢) في الأصل : أحزل. تصحيف والتصحيح من السيرة. وأجرل : صلب غليظ. يقال : أرض جرلة أي فيها حجارة وغلظ. والجرول الأرض ذات الحجارة ، أو هي الحجارة ذاتها.
(٣) في الأصل : من. والتصحيح من سيرة ابن هشام (٤ / ٢٥).
(٤) الحطّة : من قوله تعالى لبني إسرائيل (وَقُولُوا حِطَّةٌ) أي احطط عنّا خطايانا.
(٥) السيرة ٤ / ٢٥.
(٦) هكذا في الأصل ، ع ، ورواية ابن هشام في السيرة ، الحمش ٤ / ٢٥.