وقال ابن إسحاق (١) : وقد كان أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطّلب ، وعبد الله بن أبي أميّة بن المغيرة ، قد لقيا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بنبق العقاب (٢) ـ فيما بين مكّة والمدينة ـ فالتمسا الدخول عليه ، فكلّمته أمّ سلمة فيهما ، فقالت : يا رسول الله ابن عمّك وابن عمّتك وصهرك. قال : لا حاجة لي بهما ، أمّا ابن عمّي فهتك عرضي ، وأما ابن عمّتي فهو الّذي قال لي بمكة ما قال. فلمّا بلغهما قوله قال أبو سفيان : والله لتأذننّ لي أو لآخذنّ بيد بنيّ هذا ثم لنذهبنّ في الأرض حتى نموت عطشا وجوعا. فلما بلغ ذلك رسول الله صلىاللهعليهوسلم رقّ لهما ، وأذن لهما فدخلا وأسلما وقال أبو سفيان :
لعمرك إنّي يوم أحمل راية |
|
لتغلب خيل اللّات خيل محمّد |
لكالمدلج (٣) الحيران أظلم ليله |
|
فهذا أواني حين أهدي وأهتدي |
هداني هاد غير نفسي ونالني |
|
إلى الله من طردت (٤) كل مطرد |
أصدّ وأنأى جاهدا عن محمد |
|
وأدعى وإن لم أنتسب من محمّد (٥) |
فذكروا أنّه حين أنشد النّبيّ صلىاللهعليهوسلم هذه ضرب في صدره وقال : أنت طردتني كلّ مطرد (٦).
وقال سعيد بن عبد العزيز ، عن عطيّة بن قيس ، عن أبي سعيد الخدريّ قال : خرجنا لغزوة فتح مكة لليلتين خلتا من شهر رمضان صواما. فلمّا كنّا بالكديد ، أمرنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالفطر.
__________________
(١) سيرة ابن هشام ٤ / ٨٨ ، ٨٩.
(٢) نبق العقاب : موضع بين مكة والمدينة قرب الجحفة. (معجم ما استعجم ٥٩٥).
(٣) المدلج : الّذي يسير ليلا.
(٤) في طبعة القدسي ٥٠٠ «طرده» والتصحيح من السيرة وغيرها.
(٥) الأبيات في سيرة ابن هشام ٤ / ٨٩ ، ونهاية الأرب ١٧ / ٣٠٧ ، والبداية والنهاية ٤ / ٢٨٧ ، وعيون التواريخ ١ / ٢٩٢ مع اختلاف بعض الألفاظ في بعضها.
(٦) سيرة ابن هشام ٤ / ٨٩.