ويقول سبحانه : (مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ) (١).
والجمع بين هذا الصنف وما سبقه واضح ، وقد قلنا إنّ مقتضى التوحيد في الخالقية أنّه لا مؤثّر في الكون إلا الله ، وأنّ تأثير سائر العلل إنما هو على وجه التبعية لإرادته سبحانه.
الصنف السابع : ما يسمّي من تقبل شفاعته.
ويتضمن هذا الصنف أسماء بعض من تقبل شفاعتهم يوم القيامة.
يقول سبحانه (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ* لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ* يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ) (٢). فصرّح بأنّ الملائكة وحملة العرش تقبل شفاعتهم.
ويتحصل من جمع الآيات أنّ الشفاعة تنقسم إلى شفاعة مرفوضة ، كالشفاعة التي يعتقد بها اليهود ، وشفاعة الأصنام ، والشفاعة في حقّ الكفار ، وإلى مقبولة وهي شفاعة الله سبحانه ، وشفاعة من أذن له ، وشفاعة الملائكة وحملة العرش ، وبالإحاطة بالأصناف السبعة ، تقدر على تمييز المرفوضة عن المقبولة.
وليست آيات الشفاعة مختصة بالأصناف التي ذكرناها ، فإن هناك آيات تخرج عن إطارها مثل قوله سبحانه : (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ ، عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) (٣). وقد أطبق المفسرون على أنّ المراد من المقام المحمود ، هو مقام الشفاعة (٤).
* * *
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ٢٥٥ ، ولاحظ يونس : ٣ ، مريم : ٨٧ ، سبأ : ٢٣ ، الزخرف : ٨٦.
(٢) سورة الأنبياء : الآيات ٢٦ ـ ٢٨. ولاحظ النجم : ٢٦ ، غافر : ٧.
(٣) سورة الإسراء : الآية ٧٩.
(٤) لاحظ مجمع البيان ، ج ٣ ، ص ٤٣٥.