يقول سبحانه : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَأْتِينَا السَّاعَةُ قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتَأْتِيَنَّكُمْ ، عالِمِ الْغَيْبِ لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ وَلا أَصْغَرُ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (١).
فإنّ قوله : (عالِمِ الْغَيْبِ ، لا يَعْزُبُ عَنْهُ ...) يكشف عن أنّ شبهتهم في إمكان المعاد ، هي عدم إمكان التعرّف على أجزاء الموتى المبعثرة.
٩ ـ الموت بطلان للشخصية
وممّا كانوا يعتمدون عليه في إنكارهم للمعاد ، هو أنّ الموت وصيرورة الإنسان عظاما ثم ترابا ، يلازم بطلان شخصيته وانعدامها ، والمعدم لا يعاد.
ولعلّه إلى تلك الشبهة يشير قوله سبحانه : (وَقالُوا أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ) (٢) ويحتمل كونه إشارة إلى الشبهة التالية.
١٠ ـ فقدان الصلة بين المبتدأ والمعاد
إذا كان الموت وصيرورة الإنسان ترابا ، إعداما للشخصية ، فالشخصية المحياة في النشأة الأخرى ، لا تمت إلى الأولى بصلة ، فكيف تكون إحياء لها؟ فإنّ المقصود من المعاد ، إحياء الناس لإثابتهم أو معاقبتهم ، وهو فرع وحدة المعاد والمبتدأ ، واتّحادهما ، وهو منتف ، ولعلّ الآية السابقة ، تشير إلى هذه الشبهة.
هذه هي شبهاتهم التي تستحق البحث ، وإليك فيما يلي مناقشتها :
الإجابة التفصيلية عن شبهاتهم
الاعتقاد بالمعاد اعتقاد بالغيب وإيمان به ، وهو فرع معرفة الله سبحانه ، ومعرفة أسمائه وصفاته ، وأفعاله ، ولو لا تلك المعرفة ، لما حصل الإيمان بشيء من
__________________
(١) سورة سبأ : الآية ٣.
(٢) سورة السجدة : الآية ١٠.