الأمور الغيبية ، فالاعتقاد بمعاجز الأنبياء ، وكراماتهم التي يحكيها لنا القرآن الكريم ، قائم على معرفة الله سبحانه. ومعرفة شئونه تبارك وتعالى. وعلى هذا الأساس يبتني الجواب عن الشبهتين الأوليين :
جواب الشبهة الأولى ـ القدرة المطلقة وإحياء الموتى
إنّ تخيل استحالة المعاد ، الناشئ من توهّم أنّ إحياء الموتى خارج عن إطار القدرة ، جهل بالله سبحانه ، وجهل بصفاته القدسية ، فإنّ قدرته عامة تتعلق بكل أمر ممكن بالذات ، ومن هنا نجد القرآن الكريم يندد بقصور المشركين وجهلهم في مجال المعرفة ، ويقو : (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ ، وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) (١). ومعنى عدم التقدير هنا ، عدم تعرفهم على الله سبحانه حقّ التعرف ، ولذلك يعقبه بقوله : (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ) ، معربا عن أنّ إنكار المعاد ينشأ من هذا الباب.
وفي آيات أخرى تصريحات بعموم قدرته ، كقوله : (أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً ، إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٢).
وقوله تعالى : (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (٣).
والآيات الواردة في هذا المجال كثيرة (٤).
ثم إنّ القرآن يسلك طريقا ثانيا في تقرير إمكان المعاد ، وذلك عبر الآتيان بأمور محسوسة أقرب إلى الإذعان والإيمان :
__________________
(١) سورة الزمر : الآية ٦٧.
(٢) سورة البقرة : الآية ١٤٨.
(٣) سورة هود : الآية ٤.
(٤) لاحظ النحل : الآية ٧٧ ، العنكبوت : الآية ٢٠ ، الروم : الآية ٥٠ ، فصلت : الآية ٣٩ ، الشورى : الآية ٩ و ٢٩ ، الأحقاف : الآية ٢٣ ، الحديد : الآية ٢.