البحث الأول :
السنّة النبوية وتنصيب علي للإمامة
إنّ من أحاط علما بسيرة النبي في تأسيس دولة الإسلام ، وتشريع أحكامها وتمهيد قواعدها ، يجد علي بن أبي طالب وزير رسول الله في أمره ، وظهيره على عدوه ، وعيبة علمه ، ووارث حكمه ، ووليّ عهده ، وصاحب الأمر من بعده. ومن وقف على أقوال النبي وأفعاله في حلّه وترحاله ، يجد نصوصه في ذلك متواترة متوالية ، من مبدأ أمره إلى منتهى عمره ، صلىاللهعليهوآله ، وإليك البيان.
أ ـ حديث بدء الدعوة
أخرج الطبري وغيره ، بسنده ، عن علي بن أبي طالب ، أنّه لما نزلت هذه الآية على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ) (١) دعاني رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وقال لي : يا عليّ ، إنّ الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين ، فضقت بذلك ذرعا ، وعرفت أنّي متى أباديهم بهذا الأمر ، أرى منهم ما أكره ، فصمّدت عليه حتى جاءني جبرئيل ، فقال : يا محمد ، إنّك إن لا تفعل ما تؤمر به ، يعذّبك ربّك ، فاصنع (يا علي) لنا صاعا من طعام ، واجعل عليه رجل شاة ، واملأ لنا عسا من لبن ، ثم اجمع لي بني عبد المطلب حتى أكلّمهم وأبلّغهم ما أمرت به ، ففعلت ما أمرني به ، ثم دعوتهم له ، وهم يومئذ أربعون
__________________
(١) سورة الشعراء : الآية ٢١٤.