العدالة ، فإنّ القوم ألبسوا مجموع الصحابة لباس العصمة ، وحلّوهم أجمعين بحلية التقوى والعفاف ، على وجه لا يكادون يخالفون الكتاب والسنّة قيد شعرة ، فالصحابة بمجموعهم معصومون لا يخطئون. فمن كانت هذه عقيدته ، فيشكل عليه القول بأن القوم خالفوا تنصيص النبي وتنصيبه لعلي عليهالسلام.
ولكنها عقيدة تضاد كتاب الله وسنته ، والتاريخ. فمن درس حياة الصحابة في ضوء الكتاب والسنّة النبوية والتاريخ الصحيح ، يقف على أنّ فيهم صالحا وطالحا ، كسائر أفراد المجتمعات البشرية ، وليس السلف خيرا من الخلف ، بل السلف والخلف على وتيرة واحدة ، (فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللهِ) (١).
* * *
السؤال الثاني : ما فائدة البحث عن إمامة عليّ في هذه الأزمان؟
وهاهنا سؤال آخر يطرحه لفيف من دعاة الوحدة ، الذين لهم رغبة خاصة بتوحيد صفوف المسلمين وتقريب الخطى بينهم ، وحاصله :
إنّ البحث عن صيغة الخلافة بعد النبي الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يرجع لبّه إلى أمر تاريخي قد مضى زمنه وهو أنّ الخليفة بعد النبي هل هو الإمام أمير المؤمنين أو أبو بكر. وما ذا يفيد المؤمنين البحث حول هذا الأمر الذي لا يرجع إليهم بشيء في حياتهم المعاصرة. أو ليس من الحريّ ترك هذا البحث حفظا للوحدة.
والجواب
لا شك أنّ أعظم خلاف وقع بين الأمّة ، اختلافهم في الإمامة ، وما سلّ
__________________
(١) سورة فاطر : الآية ٣٢ ، وقد أشبع الأستاذ دام حفظه ، الكلام في حال الصحابة من حيث البرهان والعاطفة في بحوثه في الملل والنحل ، فلاحظ : ج ١ ، ص ١٩١ ـ ٢٢٨.