عليهماالسلام ، كما قال ابن عباس : «وسدّ رسول الله أبواب المسجد غير باب علي ، فكان يدخل المسجد جنبا ، وهو طريقه ليس له طريق غيره» (١).
* * *
ج ـ حديث «الغدير»
حديث الغدير ، حديث الولاية الكبرى ، حديث إكمال الدين ، وإتمام النعمة ، ورضى الرب تعالى. وهو حديث نزل به كتاب الله المبين ، وتواترت به السنّة النبوية ، وتواصلت حلقات أسانيده منذ عهد الصحابة والتابعين إلى اليوم الحاضر ، وقد صبّ شعراء الإسلام واقعة الغدير ، في قوالب الشعر ، وهو من أحسن ما أثار قرائحهم الشعرية وإليك فيما يلي حاصل تلك الواقعة ، وخطبة النبي الأكرم فيها :
أجمع رسول الله صلىاللهعليهوآله ، الخروج إلى الحج في السنة العاشرة من الهجرة ، وأذّن في الناس بذلك ، فقدم المدينة خلق كثير يأتمون به حجته ، تلك الحجة التي سميت بحجة الوداع ، وحجة الإسلام ، وحجة البلاغ ، وحجة الكمال ، وحجة التمام (٢) ، ولم يحج غيرها منذ هاجر إلى أن توفّاه الله سبحانه. واشترك معه جموع لا يعلم عددها إلّا الله ، وأقلّ ما قيل إنّه خرج معه تسعون ألفا ، وأمّا الذين حجّوا معه فأكثر من ذلك ، كالمقيمين بمكة ، والذين أتوا من اليمن. فلما قضى مناسكه وانصرف ، راجعا إلى المدينة ، ومعه من كان من الجموع المذكورات ، ووصل إلى غدير «خم» من الجحفة ، التي تتشعب فيها
__________________
(١) حديث «سدّ الأبواب كلّها إلّا باب علي» ، من الأحاديث المتضافرة المنقولة عن لفيف من الصحابة ، منهم عبد الله بن عمر بن الخطاب ، لاحظ مسند أحمد ، ج ٢ ، ص ٢٦. ومنهم أبوه عمر بن الخطاب ، لاحظ مستدرك الحاكم ، ج ٣ ، ص ١٢٥. ومن أراد التبسّط في أسانيده فعليه بالغدير ، ج ٣ ، ص ٢٠٢ ـ ٢١٥. والمراجعات ، المراجعة ٣٤.
(٢) تسميتها بالبلاغ وبالتمام والكمال ، لنزول قوله سبحانه : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ). وقوله سبحانه : (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً) سورة المائدة : الآيتان ٦٧ و ٣ في ذلك الحج.