أَسْفاراً) (١).
وثانيا : لو كان المراد من الموت ، موت الخزي ، ومن الحياة ، روح النهضة ، للزم على الله سبحانه مدحهم وذكرهم بالخير ، مع أنّه يذمّهم في ذيل الآية ، فإن فيها : (إِنَّ رَبَّكَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَشْكُرُونَ) (٢).
ثم إنّ صاحب المنار استعان في ردّ نظرية الجمهور ، بقوله سبحانه (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) (٣) فلا حياة في هذه الدنيا إلا حياة واحدة (٤).
ولكن عزب عنه أنّ ما جاء في الآية يدل على سنّة الله تعالى في عموم الناس ، وهذا لا يخاف اقتضاء مصالح معيّنة ، أن يذوق البعض النادر منهم حياتين ، وقد وافاك الكلام في ذلك عند البحث في الحياة البرزخية.
٤ ـ إحياء قتيل بني إسرائيل
روى المفسرون أنّ رجلا من بني إسرائيل قتل قريبا له غنيا ، ليرثه وأخفى قتله له ، ورغب اليهود في معرفة قاتله ، فأمرهم الله أن يذبحوا بقرة ، ويضربوا بعض القتيل ببعض البقرة ، ليحيا ويخبر عن قاتله ، وقد قاموا بذبح هذه البقرة بعد تساؤلات بينهم وبين موسى تكشف عن لجاجهم وعنادهم. ثم ضربوا بعض القتيل بها ، فقام حيّا وأوداجه تشخب دما ، وقال : «قتلني فلان ابن عمي» ، ثم قبض. يقول سبحانه :
(وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً ، قالُوا أَتَتَّخِذُنا هُزُواً ، قالَ أَعُوذُ بِاللهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ * .... * وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيها وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ * فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها ، كَذلِكَ يُحْيِ اللهُ
__________________
(١) سورة الجمعة : الآية ٥.
(٢) سورة النمل : الآية ٧٣.
(٣) سورة الدخان : الآية ٥٦.
(٤) المنار ، ج ٢ ، ص ٤٥٩.