وأما الصورة الثانية من الإشكال : فقد عرفت أنها تركز على العدل الإلهي ، وأن كون بدن المؤمن جزء من بدن الكافر يستلزم تعذيب المجرم ، ولكنه مبنى على إعطاء الأصالة في الحياة للبدن وهي نظرية خاطئة ، فإن اللذائذ والآلام ترجع إلى الروح ، والبدن وسيلة لتعذيبه وتنعيمه.
فصيرورة بدن المسلم جزء من بدن الكافر ، لا يلازم تعذيب المؤمن ، لأنّ المعذّب بتعذيب البدن ، هو روح الكافر ونفسه ، لا روح المؤمن. وهذا نظير أخذ كلية من إنسان حيّ ووصلها بإنسان يعاني من ضعفها وعلّتها ، فإذا نجحت عملية الوصل وصارت الكلية الموصولة ، جزء من بدن المريض ، ثم عذّب هذا المريض ، فالمعذب هو هو ، ولو نعّم ، فالمنعّم هو هو ، ولا صلة بينه وبين من وهب كليته وأهداها إليه.
وقد عرفت في كلام صدر المتألهين ما يفيدك في المقام.
* * *