قولهم : العرض الّذي لا يبقى ، واجب التخصيص بوقت لا يتقدم عليه ، ولا يتأخر عنه.
دعوى مجردة من غير دليل ، مع أنهم متنازعون فيها كمنازعتهم فى جواز الإعادة.
كيف وأن ما ذكروه باطل من ثلاثة أوجه : ـ
الأول : أنه لو كان اختصاص العرض بزمان حدوثه واجبا كما ذكروه ؛ لخرج عن كونه مقدورا على أصولهم ، حيث قضوا بأن التحيز للجوهر وقيام الأعراض به عند وجوده لما كان واجبا ، امتنع أن يكون مقدورا ؛ فكذلك هاهنا ، ولا فرق بين الأمرين.
الثانى : هو أن الأصوات عندهم غير باقية (١) ، وهى متماثلة ، ومع ذلك جوزوا وجود كل صوت منها ، فى زمان غير زمان الصوت الآخر ، ولو كان كل واحد منهما ، واجب التخصيص بزمانه الّذي وجد فيه ، ولا يجوز تقدمه عليه ، ولا تأخره عنه مع تماثل الأصوات ؛ لم يكن اختصاص بعض الأصوات ، لبعض الأزمنة ، أولى من غيره ؛ ضرورة التماثل ، وأن ما ثبت لأحد المثلين ، لا يمنع ثبوته للآخر.
الثالث : أنه وإن سلم اختصاص العرض ـ الّذي لا بقاء له ـ بزمان دون زمان فى وقت حدوثه ، فما المانع أن يكون حدوث العرض فى النشأة الأولى ، مختصا بزمان حدوثه فى النشأة الثانية مختصا بزمان آخر؟.
قولهم : سلمنا جواز إعادة الأعراض ، ولكن ما كان منها مخلوقا لله ـ تعالى ـ أو للعبد على ما ذكروه ؛ فهو مبنى على فاسد أصول المعتزلة فى أن القدرة الحادثة مخترعة ؛ ومؤثرة ، وهو باطل على ما سبق (٢).
وإن سلمنا كون القدرة الحادثة مؤثرة ، فما المانع أن تكون إعادة ما اخترعه العبد فى النشأة الأولى بقدرة الرب ـ تعالى ـ.
قولهم : يفضى ذلك إلى وقوع مخلوق بين خالقين.
__________________
(١) قارن بما ورد فى غاية المرام ص ٢٨٠. وانظر المغنى ١١ / ٤٥١ وما بعدها.
(٢) انظر ما سبق فى الجزء الأول ل ٢٦٣ / ب وما بعدها ثم قارن بما ورد فى الإرشاد لإمام الحرمين ص ١٩٦ وما بعدها.