وكثيرا ما يشار إلى الإسلام وحقيقته الشاملة بمظاهر عملية واضحة محدودة.
(فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ)(١٦) [البلد : ١١ ـ ١٦].
بل إن العلامة التي ينصبها القرآن دليلا على فراغ النفس من العقيدة وخراب القلب من الإيمان ، هي في النكوص عن القيام ببعض الأعمال الصالحة.
(أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (١) فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (٢) وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ)(٣) [الماعون : ١ ـ ٣].
وقد ينظر إلى الإيمان على أنه وصف يلحق الأعمال ويطرأ على السلوك الإنساني المعتاد ، فيصلحه ويصله بالله ، فيذكر العمل أولا كما هي مرتبة وجوده ، ثم يذكر الإيمان ثانيا ، على أنه شرط صحته وقبوله.
(فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كاتِبُونَ) (٩٤) [الأنبياء : ٩٤].
ثم ما الذي يوزن في الدار الآخرة؟ أليست الأعمال التي تميل بالإنسان إلى النعيم أو الجحيم ، أو الدعاوى والمزاعم؟
(وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٨) وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ بِما كانُوا بِآياتِنا يَظْلِمُونَ (٩)) [الأعراف : ٨ ـ ٩].
إننا نعرف تاريخ أمم هلكت بسوء عملها. ونعرف أن الله نقم على قوم لوط ـ مثلا ـ لارتكابهم الفاحشة ، وعلى قوم شعيب ـ مثلا ـ لبخسهم المكيال والميزان ، وقد عرفنا مصاير أولئك الفاسقين.
فهل أمتنا ـ وحدها ـ هي التي تريد أن ترتكب السيئات ، دون حذر أو وجل؟
ليس الإسلام بدعا من الشرائع السابقة ، فيوجب الإيمان دون العمل.
بل إن القرآن الكريم ليقص علينا عبر السابقين لنتّعظ منها ، ثم لنسمع قول الله بعد