سبحانه المال والولد لهم عذابا في حياتهم وهما عندهم آثر ما يؤثرون (١) ، وما قال سبحانه من ذلك فقد رأيناه يقينا ، وأدركناه فيهم ظاهرا مبينا ، لا يشك فيما ذكر الله منه سبحانه ولا يمتري ، ولا يجهله منا إلا من لا يعقل ولا يدري!! أو ليس قد علمنا أن العذاب ، ألم ونصب وأتعاب ، وقد رأينا من نصب أهل الأموال والأولاد فيهما ، وبشفقتهم ومحافظتهم عليهما ، (٢) ما يكثر به السهر والسهاد ، ويقل معه الخفض (٣) والرقاد ، فأيّ ألم أوجع لفؤاد أو جسم ، أو ادعى لمرض أو سقم ، من السهر والنصب والاهتمام؟! وقد يترك له كثير من الشراب والطعام!!
والمال والولد فإنما هما كما قال الله سبحانه فتنة ، والفتنة قد يعلم كل ذي لب أنها ابتلاء (٤) وتمحيص ومحنة ، وفي الأزواج رحمك الله والأولاد ، وهما أحب الأشياء إلى جهلة العباد ، ما يقول رب العالمين ، لمن قال له من المؤمنين : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْواجِكُمْ وَأَوْلادِكُمْ عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤) إِنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) (١٥) [التغابن : ١٤ ـ ١٥]. فكل ما تسمع (٥) آيات بينات ، ودلائل على الله متيقنات ، فليس لمن يعقل الحياة الدنيا وحال أهلها وسكانها ، مع ما وصفنا من حال أحبائها وقرنائها وخلانها ، أنس ولا ثقة ، ولا توكّل ولا حقيقة ، إلا بالله وحده ، وبالرغبة فيما عنده ، وليس يأنس أبدا بالله ، إلا من صح يقينه ومعرفته لله ، ولا يعرف الله جل ثناؤه فيوقنه ، إلا من يجد أنسه بالله وأمنه ، فيكون عليه جل جلاله ، معتمده واتكاله ، فتقر عينه ، ويسلم دينه ، ويعز فلا يرى خزيا (٦) ولا ذلا ، ما كان على الله سبحانه متوكلا.
__________________
(١) في (ب) : يرون.
(٢) في (ب) : فيها بشفقتهم ومحافظتهم عليها. وفي (د) : فيها شفقتهم عليها ومحافظتهم عليها. وفي (أ) و (د) : فيهما وشفقتهم ومحافظتهم عليها. ولفقت النص من الجميع.
(٣) الخفض : الدعة ، والسكون.
(٤) في (ب) و (د) : بلوى.
(٥) في (ب) و (د) : ما ذكر الله.
(٦) في (أ) و (ج) و (د) : حزنا.