يكون أصغر صغير رؤي (١) منها إلا بخالق مهيئ ، مقدّر حكيم مسوّي ، (٢) لا يشك فيه ولا يمترى ، وإن خفي عن (٣) العيون فلا يرى ، وذلك فهو الله الذي (لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (١٠٣) [الأنعام : ١٠٣] ، وكيف تدرك الأبصار من ليس له مثل ولا ند ولا كفؤ ولا نظير؟! لا كيف إلا عند جاهل عمي! شاك في جلال الله ممتري ، (٤) لا يعرف ما بينه وبين الخلق ، من المباينة والفرق.
فكل (٥) ما تسمع يا بنى بتعريف ، (٦) وتبصير وتوقيف وتصريف ، من الله الحكيم ، الخبير العليم ، الرحمن الرحيم ، لدرك معرفته ، واليقين به ، من حجج الفكر (٧) والاعتبار ، وحجج الرؤية والمعاينة بالأبصار.
وفي ذلك ما يقول تبارك وتعالى : (أَوَلَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ (١٩)) [العنكبوت : ١٩]. فابتداؤه جل ثناؤه له (٨) فهو ابتداعه وزيادته وإنماؤه ، وإعادته فهو إلى ما كان عليه وهو محقه وتقليله وإفناؤه ، وذلك كله فقد يراه ويعاينه ، ويبصره ويوقنه ، من كان حيا ، (٩) مبصرا سويا ، كما قال لا شريك له ، لا يجهله إلا من تجاهله ، ولا يخفى إلى على من أغفله! ممن لعنه الله وخذله! أو لم تسمع كيف يقول سبحانه : (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠)) [العنكبوت : ٢٠]. وتأويل بدأ ، (١٠) فهو كان ونشأ ، ونما فصار ناميا زائدا ، ثم رجع إلى
__________________
(١) في (أ) و (ج) : درك.
(٢) في (أ) : فسوى.
(٣) في (أ) : من.
(٤) في (ب) و (د) : جاهل غمر! شاك في جلال الله ممتر.
(٥) في (أ) و (ج) : وكل.
(٦) سقط من (أ) و (ج) : بتعريف و.
(٧) في (أ) و (ب) و (ج) : بين حجج. وفي (ب) و (د) : الفكرة.
(٨) في (ب) و (د) : فابتداؤه له جل ثناؤه.
(٩) في (أ) و (ج) : حييا.
(١٠) في (أ) و (ج) : أبدا.