وشرب الأدوية الكريهة ؛ كل ذلك داعية إلى الإحسان ، وإلى شيء حسن في العقل ، فإذا كان من الآلام (١) في الشاهد ما هو كذلك ، فكل ما (٢) كونه من قبل الله عزوجل ، مثل الموت والمرض والعذاب وغيره ، حكمة في الصنع ، وصواب في التدبير ، إذ كان كل ذلك داعية إلى إحسان.
قال الملحد : ما الدليل على أن ذلك داعية إلى الإحسان؟
قال القاسم عليهالسلام : الدليل على ذلك أنها أفعال الحكيم ، وقد صح أن الحكيم إنما (٣) يفعل هذه الأشياء ، التي هي الترغيب في السلامة والصحة والخير ، والترهيب من الغم والشر (٤) والسقم. ومن رغّب في الخير ، فحكيم في ما نعرفه.
وأما قولك : لم امتحن امتحانات ، عطب (٥) أكثرهم عندها؟
فإنا نقول في ذلك ولا قوة إلا بالله : إن الله سبحانه إنما امتحانه وأمره ونهيه ، داعية له إلى الخير ، فمن عطب فمن قبل نفسه عطب (٦) ، لأنه لم يأتمر بما أمره الله سبحانه ؛ ولا انتهى عما نهاها عنه ، ولو كان انتهى عما نهاه عنه ، وركب ما أمر به ، لكان يؤديه ذلك إلى الفوز العظيم.
فهو : من قبل نفسه عطب ؛ لا من قبل الله عزوجل.
ومثل (٧) ذلك فيما نعرفه : أن حكيما من حكمائنا لو أعطى عبيدا له دراهم ، وقال لهم : اتجروا ، فإن ربحتم ، ولم تفسدوا ، فأنا معطيكم ما يكفيكم ، وإن لم تفعلوا عاقبتكم. فأطاعه منهم قوم ، وعصاه آخرون ، لم ترجع اللائمة عليه ، بعصيانهم إياه ؛ ولكنها لا حقة بهم ، حين عصوه ، ولم يخرج دعاء سيدهم إياهم وعطيتهم من الحكمة ؛
__________________
(١) في (ه) : الأدوية.
(٢) في (أ) و (ج) و (ه) : ما هو كونه من قبل.
(٣) في (ب) و (د) : لأنه فعل الحكيم ، والحكيم إنما.
(٤) في (ه) و (و) : الغم والسقم والشر.
(٥) في (ج) : غضب. (مصحفة).
(٦) في (ب) و (د) : داعية له إلى الحكمة ، فالمأمور من قبل نفسه عطب. وسقط من (أ) و (ج) : عطب.
(٧) في (ب) : مثال.