يشتبه قول شيء وشيء (١) ، ولا يشتبه المسمى ، إلا أن أوقع عليه من أيّ الأشياء هو وما هو؟ فحينئذ يشتبه المسميان ، (٢) فأما شيء وشيء فليس فيه اشتباه المعاني ، وإن استوى قول شيء وشيء.
وقد يقال : الخنزير شيء ، والكلب شيء ، والانسان شيء ، وليس [في] هذا الاسم ، الذي هو إثبات الشيء (٣) منهم مدح ولا تهجين ، إذا كانت التسمية مبهمة مفردة في الذكر ، ولذلك لم يقع به تشبيه إذا قلنا : إن الله شيء ، والإنسان شيء.
فإن قال : فإذا سميت الله شيئا فقد سميته بما لا مدحة له فيه.
قلت : إني إذا سميته شيئا ذكرته سبحانه بكلام آخر أصله به ، فيكون مديحا ، لقولنا : الله شيء واحد كريم ، والله شيء واحد عزيز ، والله شيء ليس كالأشياء ، فيكون ذلك مدحة ، ولا يذكر العبد التقي ربه إلا وهو فيما ذكر من أسمائه مادح ، فإذا سمى الله العبد بأنه شيء لم يفرده ، حتى يقول : الله شيء لا كالأشياء ، فيكون الكلام كله مقرونا بكلام آخر على ما ذكرنا ، كان كله مديحا ، وقول القائل للشيء هذا شيء ، كلام مرسل غير مقرون بما يتجلى به (٤) المعنى ، فليس بذم ولا مدح ، لقولك عرفت شيئا ، ولا يكون المعروف عندك مذموما ولا ممدوحا ، حتى تقرنه بكلام آخر ، فتقول : عرفت شيئا هو صالح ، وعرفت شيئا هو فاسد ، فيكون هنالك الذم والمدح ، فلا يدرك بقولك هذا شيء وهذا شيء ائتلاف ولا اختلاف ، فلا يرسل القول على الله بأنه شيء إلا مقرونا بكلام آخر ، فيقول : هو شيء ليس كالأشياء ، فيكون قولك : هو شيء بالصلة المقرونة مديحا ، فكذلك يقول القائل : هذا الثوب شيء حسن أفضل من غيره ، فيكون بما أجرى به الثوب مديحا ، وإذا كان مرسلا لم يكن له مدحا ولا ذما.
__________________
(١) في (ب) و (د) : شيء بشيء.
(٢) في (ب) و (د) : المسميات.
(٣) في (ب) و (د) : إثبات لشيء.
(٤) سقط من (ب) و (د) : به.