المشاقّة لم يكن (شرطا في الوعيد) (١) على اتّباع غير سبيل المؤمنين.
سلّمنا لكن هنا ما يمنع منه ، وهو خروج هذه الآية مخرج المدح للمؤمنين ، وعلى ما ذكره السائل يبطل ذلك ، فإنّا لو عرفنا أنّ قول اليهود في بعض الأحكام هدى لزمنا القول بمثله ولا فضيلة لهم فيه ، ولأنّ اتّباع المؤمنين هو الرجوع إلى قولهم لأجل أنّهم قالوه لا (لصحة بالدليل) (٢) ، فإنّا لسنا متّبعين لليهود والنصارى في إثبات الصانع ونبوة موسى وعيسى ، لأنّا لم نذهب إليه لأجل قولهم.
وفيه نظر ، إذ مع الحمل على (وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى) الموجب لعدم المشاقّة (وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ) من بعد ما تبيّن له الهدى الموجب لعدم المتابعة يحصل الغرض من العطف ، ومثله ممكن وهو الظاهر من الآية.
وعن الثالث : أنّ العموم حصل من اللفظ والإيماء.
أمّا اللفظ فمن وجهين :
أ. لو قال : «من دخل غير داري ضربته» فهم العموم لصحة استثناء كلّ دار مغايرة لداره.
ب. لو حمل على سبيل واحد وهو غير معيّن لزم الإجمال بخلاف العموم ، وحمل كلامه تعالى على ما هو أكثر فائدة أولى ، خصوصا مع أنّ عرف هذا اللفظ للعموم.
__________________
(١) في «ب» : شرط الوعيد.
(٢) في «ب» : صحة الدليل.