التاسع : ربّما اعتقد ترك الإنكار صغيرة ، فلم ينكره وأقدم على فعلها.
العاشر : ربّما اعتقد كون الفتوى من الصغائر ، فسكت عن إنكارها. (١)
ومع هذه الاحتمالات لم تبق الدلالة على الرضا قطعا ولا ظنا ، ومن هنا قال الشافعي ونعم ما قال : لا ينسب الى ساكت قول. (٢)
اعترض بأنّ هذه الاحتمالات وإن كانت منقدحة عقلا ، فهي خلاف الظاهر من أرباب الدين ، لبعد عدم الاجتهاد في الواقعة من الخلق الكثير ، لما فيه من إهمال حكم الله تعالى فيما حدث مع وجوبه عليهم وبعد عدم تأدية الاجتهاد الى شيء من الأحكام ، لأنّ الظاهر أنّه ما من حكم إلّا ولله تعالى دلائل وأمارات تدلّ عليه.
والظاهر ممّن له أهلية الاجتهاد انّما هو الاطّلاع عليها والظفر بها ، واحتمال تأخير الإنكار للتروّي والتفكّر محال عادة في حقّ الجميع خصوصا مع مضي أزمنة كثيرة من غير نكير.
واحتمال السكوت عنه لكونه مجتهدا لا يمنع من مباحثته ومناظرته وطلب الكشف عن مأخذه ، كمناظرة المجتهدين وأئمّة الدين فيما بينهم لتحقيق الحقّ ، كما في مسألة الجد والإخوة والعول وغيره وقوله : «أنت عليّ حرام» وغيرها.
__________________
(١) ذكر الغزالي في المستصفى : ١ / ٣٥٩ سبعة من هذه الوجوه ؛ والرازي في المحصول : ٢ / ٧٤ ثمانية منها ، فلاحظ.
(٢) الأم : ١ / ١٧٨ ؛ اختلاف الحديث : ٥٠٧.