ـ إلى أن قال : ـ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ)(١) ، فعلم أنّ وقت الفعل كان قد حضر سواء ناجاه غيره أو لا.
وعن السادس : بإمكان أنّ قوله : (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَ)(٢) نزل بعد مضيّ وقت ، كان يجوز أن يهاجرن إليه ، فيردّهن ، فيكون النسخ واقعا بعد وقت الفعل وقد روى الواقدي (٣) : أنّ أبا جندل (٤) لمّا ردّه النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى قريش انحاز مع جماعة ممّن أسلم من قريش ، وكان يمنع من قدوم الميرة على أهل مكّة ، فأرسلت قريش إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم بأرحامها إلّا ردّ أبا جندل (٥) والنفر
__________________
(١) المجادلة : ١٣.
(٢) الممتحنة : ١٠.
(٣) هو محمد بن عمر بن واقد المتوفّى سنة ٢٠٧ ه ، صاحب المغازي.
(٤) الّذي انحاز مع جماعة هو أبو بصير ابن عتبة بن أسيد بن جارية حليف بني زهرة ، حيث أسلم بعد قدوم رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم المدينة ، فطلبت قريش ردّه إلى مكّة انطلاقا من التصالح الّذي عقد في أرض الحديبيّة. فرده الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم مع نفرين بعثتهما قريش للقبض عليه فانطلق أبو بصير معهما فقتل أحد الشخصين في الطريق ثم أتى المدينة مخاطبا رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : وفت ذمّتك.
ثمّ انّه هو مع قريب من سبعين رجلا ، ضيّقوا على قريش عيرهم ، فما يظفرون بأحد منهم إلّا قتلوه. وعند ذلك ضاق الخناق على قريش فكتبوا إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم يسألونه بأرحامهم إلّا تدخل أبا بصير وأصحابه ـ أي يردّهم إلى المدينة ـ فلا حاجة لنا بهم. المغازي للواقدي : ٢ / ٦٢٩.
(٥) واما أبو جندل فهو بن سهيل بن عمرو ، أسلم في مكّة قبل عقد الصلح في الحديبيّة ، فبينما يكتب كتاب الصلح فيها انفلت أبو جندل إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقام أبوه وضرب وجهه وأصرّ على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أن يردّه إليه فقبل خضوعا لكتاب الصلح. ولما صرخ أبو جندل بأعلى صوته : يا معشر المسلمين أأردّ إلى المشركين؟ فقال رسول الله : يا أبا جندل اصبر فان الله جاعل لك فرجا ومخرجا. السيرة النبوية لابن هشام : ٣ / ٣٤٧.
وبذلك ظهر أنّ الصحيح هو «أبو بصير» مكان «أبي جندل» في الموضعين.