لاشتباههما في علّة الحكم عند المجتهد. وقصد بذلك حدّ مطلق القياس.
ثمّ اعترض على نفسه بأنّ الفقهاء يسمّون قياس العكس قياسا؟ وليس هو تحصيل حكم الأصل في الفرع لاشتباههما في علة الحكم ، بل هو تحصيل نقيض حكم الشيء في غيره لافتراقهما في علّة الحكم.
وأجاب بأنّ تسمية قياس العكس قياسا من باب المجاز لفوات خاصية القياس فيه ، وهو إلحاق الفرع بالأصل في حكمه لما بينهما من المشابهة.
وأورد على حدّه : أنّ الحاصل في الفرع ليس نفس حكم الأصل بل مثله ، ولأنّ تحصيل حكم الأصل في الفرع هو حكم الفرع ، ونتيجة القياس ونتيجة الشيء لا تكون هي نفسه.
وفيه نظر ، فإنّ حكم الأصل لمّا كان مساويا لحكم الفرع في النوع صحّ إطلاق الوحدة عليهما ، وقد يعرف الشيء بغايته ، كما يقال : الكوز آلة يشرب بها الماء ، والكرسي ما يجلس عليه.
وقال القاضي أبو بكر واختاره جمهور الأشاعرة (١) : إنّه حمل معلوم على معلوم في إثبات حكم لهما ، أو نفيه عنهما بأمر جامع بينهما من حكم أو صفة أو نفيهما عنه.
ذكر المعلوم ليتناول الموجود والمعدوم ، والقياس يجري فيهما ، ولم
__________________
(١) نقله عنه الرازي في المحصول : ٢ / ٢٣٦.