يذكر الشيء لاختصاصه بالموجود ، ولو ذكر الفرع أوهم اختصاصه بالموجود.
وأيضا فلا بدّ من معلوم ثان يكون أصلا ، لأنّ القياس التسوية ، وإنّما يتحقّق بين أمرين ، ولأنّه لو لا الأصل كان إثبات الحكم في الفرع بمجرّد الحكم. وأيضا الحكم قد يكون نفيا وقد يكون إثباتا ، وأيضا الجامع قد يكون حقيقيا وقد يكون حكما شرعيا ، وكلّ منهما قد يكون نفيا وقد يكون إثباتا ، والحد منطبق على الجميع.
واعترض عليه من وجوه (١) :
الأوّل : إن أردت بحمل أحدهما على الآخر إثبات مثل حكم أحدهما للآخر كان قوله : «في إثبات حكم لهما أو نفيه عنهما» تكرارا من غير فائدة ، وإن أردت غيره فبيّنه ، والتكرار والخفاء محذّر عنهما في الحد.
وبتقدير أن يكون المراد منه شيئا آخر ، لا يجوز ذكره في تعريف القياس ، لتمام ماهية القياس من دونه ، فيكون زائدا لا يجوز ذكره في الحد.
الثاني : قوله : «في إثبات حكم لهما» يشعر باستناد الحكم في الأصل والفرع إلى القياس ، وهو باطل ؛ فإنّ القياس فرع ثبوت الحكم في الأصل ، فلو كان ثبوته في الأصل فرعا عليه دار.
الثالث : الثابت بالقياس أعمّ من أن يكون حكما أو صفة ، كقولنا : الله تعالى عالم ، فله علم قياسا على الشاهد ، فالصفة إن اندرجت في الحكم لزم
__________________
(١) المعترض هو الرازي في المحصول : ٢ / ٢٣٧ ـ ٢٣٨.