وإن ثبت باللّفظ لغة ، فدلالة اللفظ على تحريم التأفيف بجهة صريح اللّفظ ، وعلى تحريم الضرب بجهة الفحوى ، وهما دلالتان مختلفتان ، غير أنّ دلالة الفحوى تابعة لدلالة المنطوق ، فأمكن أن يقال : رفع حكم إحداهما لا يستلزم رفع حكم الأخرى.
لا يقال : إذا كانت دلالة الفحوى تابعة لدلالة المنطوق ، امتنع بقاء الفرع مع رفع الأصل.
ولأنّ الغرض إعظام الأبوين ، فرفع حكم الفحوى مخلّ بالغرض من دلالة المنطوق ، فيمتنع معه بقاء حكم المنطوق.
لأنّا نقول : دلالة الفحوى وإن كانت تابعة ، لكن نسخ حكم المنطوق ليس نسخا لدلالته ، بل لحكمه ، ودلالة الفحوى تابعة لدلالة المنطوق على حكمه ، لا أنّها تابعة لحكمه ، ودلالته باقية بعد نسخ حكمه ، كما كانت قبل نسخه ، فما هو أصل لدلالة الفحوى غير مرتفع ، وما هو مرتفع ليس أصلا للفحوى.
وأمّا الثاني ، فغاية ما يلزم من نسخ حكم الفحوى إبطال الغرض من أصل إثبات الحكم فيه ، ولا يخفى أنّ غرض إثبات التحريم للتأفيف ، مغاير لغرض تخصيصه بالذكر ، تنبيها بالأدنى على الأعلى ، ولا يلزم من إبطال أحد الغرضين إبطال الآخر. (١)
__________________
(١) الاستدلال للآمدي في الإحكام : ٣ / ١١٢ ـ ١١٣.