الشرعية والقبح العقلى لا يستلزم الحكم الشرعي ولذا يمكن ان يكون الامر الفلاني قبيحا في نظر العقل ومع ذلك يتعلق به الامر الشرعي ولذا نرى ان ابراهيم النبى عليهالسلام امر من قبل الله بذبح ولده اسماعيل وتصدى لامتثاله ولم يستشكل بأنه ظلم محرم هذا اولا. وثانيا : لو سلمنا الملازمة فانما تتم اذا كان حكم العقل بالقبح أو الحسن في سلسلة علل الاحكام ، وأما اذا كان حكم العقل في سلسلة المعاليل فلا تتم الدعوى المذكورة اذ حكم العقل بقبح العصيان اذا كان كافيا في زجر المكلف عن الارتكاب فلا يحتاج الى حكم الشرع وان لم يكن كافيا فلا أثر لحكم الشرع.
فتحصل ان القطع بحرمة ما لا يكون حراما لا يوجب حرمته كما ان القطع بوجوب ما لا يكون واجبا لا يوجب وجوبه ، نعم العقل يرى ان المتجري مستحقا للعقاب كما انه يرى ان المنقاد مستحقا للمثوبة بل لو عزم احد على العصيان وأتى ببعض مقدماته كما لو عزم على شرب الخمر وأخذ الكأس لان يشرب منه الخمر يكون مستحقا للعقاب في نظر العقل بل يمكن أن يقال ان مجرد عزم المكلف على العصيان يوجب استحقاق العقاب كما انه لا يبعدان العزم على الاطاعة يوجب استحقاق الثواب الانقيادي بل لا يبعد أن الترديد في العصيان يوجب استحقاق العقوبة فان وظيفة العبد أن يكون عازما جازما على الاطاعة والانقياد من المولى وأما الترديد في الاطاعة كما لو كان مرددا في اطاعة امر المولى اذا كان امرا استحبابيا لا يوجب استحقاق المثوبة واستدل على المدعى ببعض الآيات والروايات ، أما الآية فقوله تعالى (وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللهُ)(١) بتقريب ان مجرّد النية في القلب توجب العقاب والمثوبة والظاهر ان الآية
__________________
(١) البقرة / ٢٨٤.