جريان الاستصحاب في الموضوع للمعارضة فتصل النوبة الى الاصل الحكمي واصل البراءة العقلي لا يجري لما تقدم آنفا وأما اصالة البراءة شرعا فالظاهر انه لا مانع من جريانها فان مقتضى اطلاق ادلة البراءة عدم اختصاصها بالشبهة الحكمية وشمولها للشبهة الموضوعية.
والذي يختلج بالبال ان يقال : انه لا مانع عن جريان البراءة العقلية بتقريب انه يشك في وجوب الاحتياط وعدمه ومقتضى قبح العقاب بلا بيان عدم وجوبه فصفوة القول : ان الشبهة الموضوعية أعم من الوجوبية أو التحريمية ان كانت يمكن رفعها بجريان الاصل في موضوعها فلا اشكال ولا كلام وأما اذا لم يمكن فلا مانع عن الاخذ بقاعدة قبح العقاب بلا بيان كما انه لا مانع عن الاخذ بدليل البراءة الشرعية.
والذي يدل على المدعى بوضوح ان جملة من نصوص البراءة موضوعها الشبهة الموضوعية لاحظ ما رواه مسعدة ابن صدقة عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سمعته يقول : كل شيء هو لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك وذلك مثل الثوب يكون عليك قد اشتريته وهو سرقة والمملوك عندك لعله حرّ قد باع نفسه او خدع فبيع قهرا او امرأة تحتك وهي اختك أو رضيعتك والاشياء كلّها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك او تقوم به البينة (١).
ولاحظ ما رواه عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام قال كل شيء فيه حلال وحرام فهو لك حلال ابدا حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه (٢).
ولاحظ ما رواه عبد الله بن سليمان قال سألت أبا جعفر عليهالسلام
__________________
(١) الوسائل الباب ٤ من أبواب ما يكتسب به الحديث ٤.
(٢) نفس المصدر الحديث ١.