حسن فعل والحال ان فيه المفسدة وكذلك ربما يدرك قبح فعل والحال انه ذو ملاك حسن ولذا لا ريب في جواز النهي الشرعي عن فعل حسن في نظر العقل وكذلك لا مانع من تعلق الامر بما يكون قبيحا في نظره والحل الوحيد في المقام ان ادراك العقل حسن فعل او قبحه مربوط بالاجتماع وفي هذه الدائرة ولذا ورد في الخبر ان دين الله لا يصاب بالعقول والسنة اذا قيست محق الدين.
ومما يدل على ان الحكم الشرعى لا يمكن دركه بالعقل انا نرى اختلاف الآراء في عقلاء العالم وكل حزب بما لديهم فرحون.
وصفوة القول : انه لا طريق الى اثبات الملازمة بين العقل والشرع ومما يدل على صدق مقالتنا ان ابراهيم امر بذبح ولده اسماعيل ولا اشكال في أن ذبح مثل اسماعيل بنظر العقل امر قبيح في حد نفسه واذا كانت الملازمة المدعاة تامة لكان اللازم ان لا يقوم ابراهيم بهذه المهمة ولهذه القضية نظائر دل عليها الكتاب والتاريخ.
منها : جواز الزواج المتعدد للرجل مضافا الى ملك اليمين وعدم جوازه للمرأة فان العقلاء يرون هذه التفرقة خلاف العدل ولكن لا اشكال فيه شرعا فان الشارع الأقدس عالم بتمام الجهات واختيار الكل بيده نعم حكم العقل بوجوب الاطاعة وحسنها وقبح العصيان أمر مسلم ومستلزم للحكم الشرعي ولكن هذا الحكم العقلي في سلسلة المعلول والشرع يرشد الى الحكم العقلي بقوله (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) ولا يعقل أن يكون الامر بالاطاعة مولويا وإلّا يلزم التسلسل.
القسم الثالث : حكم العقل بالملازمات كحكمه بأن وجوب شيء يستلزم وجوب مقدمته او ان الامر بالشيء يقتضي النهي عن الضد على القول به وهذا الحكم العقلي لا يرتبط بالشرع