الاحتياط فيكون الواقع محفوظا بتمام معنى الكلمة ان قلت : لا يمكن الاحتياط ، قلت : عدم امكان الاحتياط منحصر في صورة احتمال الوجوب واحتمال الحرمة كليهما وهذه الصورة قليلة التحقق فان الغالب احتمال الوجوب مع القطع بعدم الحرمة أو احتمال الحرمة مع القطع بعدم الوجوب.
فالحق في الجواب أن يقال : ان الشارع الاقدس يرى المصلحة في جعل الامارة حجة وان كان ربما توجب الوقوع في خلاف الواقع وان شئت قلت : المصلحة في نفس الجعل والشارع الاقدس خبير بما يفعل ويشاء وهو يسأل ولا يسأل وبعبارة اخرى : يكفى لدفع الاشكال احتمال كون الجعل ناشيا عن مصلحة وكيف لا يكون كذلك ولا ريب في أن أفعال الحكيم على الاطلاق ناشية عن حكم ومصالح لا يعلمها إلّا هو.
الصورة الثالثة : أن يكون مفاد الامارة وجوب ما يكون حراما في الواقع أو يكون مفادها حرمة ما كان واجبا في الواقع فتوجب حجية الامارة وقوع العبد احيانا في المفسدة أو تفويت المصلحة عنه لكن بعد ما ذكرنا من أن الجعل اذا كان ذا مصلحة فلا مانع عن جعل الامارة حجة فان الشارع الاقدس العالم بتمام الجهات يرى ان جعله الامارة فيه الملاك والمصلحة بحيث لا يمنع عن جعله المحذور المذكور لكن في الصورة المذكورة اشكال نظير الاشكال الذي سبق وهو ان مفاد الامارة اذا كان وجوب شيء وكان ذلك الشيء حراما في الواقع أو اذا كان مفاد الامارة حرمة شيء وكان ذلك الشيء واجبا في الواقع نسأل بأنه ما فائدة المجعول الواقعي اذ بمقتضى اعتبار الامارة يكون المكلف ملزما بالفعل أو الترك ويكون معذورا في