لِّجِبْرِيلَ فَانَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِاذْنِ اللهِ).
والتعبير في هذه الآية يكشف عن أن جبرئيل عليهالسلام كان يُنزل ـ أحياناً ـ آيات القرآن على قلب الرسول مباشرة في حين أنّ بعض الروايات تشير إلى أنّ جبرئيل كان يأتي للرسول صلىاللهعليهوآله على هيئة إنسان أحياناً ويقوم بابلاغه الخطاب الإلهي بهذا الطريق (١).
* *
والآية السادسة وضحت الحقيقة الآتية : إنّ القرآن الذي أنزلناه على الرسول فيه تبيانٌ لكلِّ شيء وحاملاً للهداية والرحمة والبشارة إلى جميع المسلمين ، وعليه فإنّ جميع هذه المعارف تصدر عن هذا المصدر العظيم أي الوحي.
بديهي أنّ المراد من «كل شيء» هو جميع القضايا التي تتعلق بسعادة الإنسان ، فتعلم أنّ اسس جميع هذه القضايا قد جاءت في القرآن (سواء المادية منها أو المعنوية) في صورة قوانين كلية.
* *
وقد صرحت الآية السابعة بأنّ القرآن روح نزلت على الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله من قِبَل الله عزوجل ، ولم يكن يدري ما الكتاب ولم يكن يدري ما الإيمان ، وقد قيل للقرآن «روح» لأنّه يبعث الحياة في قلوب المجتمع البشري ، وهذا حديثٌ يذهب إليه كثير من المفسرين (٢).
والمراد بـ : «ما كنت تدري ما الكتاب» هو أنّ الرسول لم يكن عارفاً بمحتوى الآيات قبل البعثة ، وهناك شواهد تاريخية وروائية تكشف عن سبق معرفته بالله قبل البعثة.
__________________
(١). أصرَّ الفخر الرازي على تأويل الآية بما يتناسب مع ما ذهبت إليه الروايات من أن جبرئيل عليهالسلام كان يتمثل امام الرسول صلىاللهعليهوآله في صورة إنسان ، وبما أن القلب هو مركز حفظ الآيات عبر الله بهذا التعبير (فَانَّهُ نَزَّلَهُ عَلى قَلْبِكَ) (تفسير الكبير ، ج ٣ ، ص ١٩٦) ، لكننا لا نرى ضرورة لتأويل الآية بالشكل الذي قاله الفخر الرازي ، بل يمكن القول بأن اتصال جبرئيل عليهالسلام بالرسول كان يتم بطريقين : جسماني وروحي.
(٢). يقول الراغب : «سمي روحاً لكون القرآن سبباً للحياة الاخروية».