ويلقوا بحجاب فتنتهم على عقولهم.
إنّ مفردة «طائفة» في عبارة «وقالت طائفة» من مادة «طواف» وتعني فريقاً من الناس بشكل حلقة ، وكأنّهم يطوفون حول موضوع ما ، والمراد منها على ما يقول بعض المفسرين : هو الاثنا عشر يهودياً من يهود خيبر أو المدينة أو نجران ، حيث تألموا كثيراً عند تغير القبلة من بيت المقدس إلى الكعبة ، فحاكوا هذه المؤامرة (١).
إنّ التعبير بـ «وجه النهار» إشارة إلى بداية النهار لأنّ الوجه أول شيء يواجهه الإنسان ، وهو أشرف عضو ، بالطبع أنّ الآية حكت المسألة كاقتراح اقترحه البعض ولم تتكلم عن تنفيذ هذا الاقتراح ، إلّاأنّ القرائن أثبتت أنهم نفذوا مؤامرتهم بعد ما حاكوها ، وإلّا فيُستبعد أن يذكره القرآن باهتمام بالغ ، والآيات اللاحقة تحكي عن هذه الأهميّة.
لكننا نعلم على أيّة حال ، أنّ خطتهم الإعلامية هذه لم تترك أثراً ملحوظاً في قلوب المؤمنين الذين طهُرت قلوبهم.
* *
إنّ الآية الخامسة والأخيرة بيّنت كذلك جانباً من جوانب مقارعة موسى عليهالسلام لفرعون ، فعندما اتّجهت الأنظار إلى موسى وكادت القلوب أن تهتدي والأفكار أن تُصحح ، قام فرعون بحملةٍ اعلامية شديدة سعياً منه لحرف الناس عن اتجاههم نحو دين موسى ، وقد انعكس في هذه الآية جانب من جوانب الاعلام الفرعوني المضلل.
اعتمد اعلامه في البداية على ذكر شرفه العائلي ونسبه ، وقال : «أنا خير من هذا الشخص مشيراً إلى موسى» الذي ينحدر من عائلة فقيرة حيث يعمل راعياً وعبداً من عبيد بنى اسرائيل.
وهو لا يملك قدراً من الفصاحة وأنا افصح منه.
وفضلاً عن ذلك «فلو لا القي عليه اسورة من ذهب» أي لِمَ لم يكن له سوار من ذهب
__________________
(١). التفسير الكبير ، ج ٨ ، ص ٨٥ ؛ تفسير روح المعاني ، ج ٣ ، ص ١٧٦ ؛ تفسير القرطبي ، ج ٢ ، ص ١٣٥٤.