إذن يجب القول بأنّ أي حكم بخطأ بعض المعلومات ، دليل على معرفة كثيرٍ من الحقائق (دقّق النظر في ذلك).
٣ ـ إنّهم في الحقيقة لم يميزوا جيداً بين «البديهيات» و «النظريات» ولا بين «المعرفة الإجمالية» و «المعرفة التفصيلية» ولا بين «الامور المطلقة» و «الامور النسبية» ، ولأجل عدم معرفتهم الدقيقة وتمييزهم لهذه المواضيع الثلاثة وقعوا فيما وقعوا فيه من خطأ.
* *
إيضاح :
إنّ هناك حقائق لا يشك بها أحد إلّاالسوفسطائيون وكما قلنا سابقاً أنّهم ينكرون الحقائق بالسنتهم ويعتقدون بها في قلوبهم وهي الحقائق التي لا حاجة إلى التفكير في إثباتها ، فالكل يعرف مثلاً أنّ اثنين زائداً اثنين يساوي أربعة ، وأنّه لا يمكن أن يحصل الليل والنهار أو الصيف والشتاء في آن ومكان واحد ، أو شخصاً واحداً يكون في مكة والمدينة في آن واحد وحتى أولئك الذين يعدّون اجتماع النقيضين أو الضدين ممكناً ، فانّهم يتلاعبون بالألفاظ فقط ، ويذعنون لهذه الحقائق قلبياً ، فمثلاً بالنسبة ل «اجتماع الضدين» يقولون بإمكان أن يكون الجو ممطراً في ساعة ومشمساً في ساعة اخرى ، إذن اجتماع الضدين أمر ممكن ، أمّا إذا سألناهم هل يمكن أن يكون الجو ممطراً ومشمساً في ساعة ومكان واحد؟ فسيجيبون : لا.
وفي مقابل هذه المعلومات البديهية هناك قسم آخر من المعلومات وهي «المعلومات النظرية» التي تحتمل الخطأ والترديد ، وما ذكره المنكرون من عدم إمكانية المعرفة فانّه يتعلق بهذا النمط من المعلومات.
كما أنّ هناك مجموعة من الحقائق مطلقة ولا نسبية فيها كالأمثلة السابقة (العلاقات الرياضية بين الأعداد وامتناع اجتماع النقيضين والضدين).
ولكن لا يمكن إنكار أنّ هناك مجموعة من المفاهيم النسبية التي تتغير بتغير الظروف ،